فيا أيها الناس اتقوا الله في كل وقت وآن، واحذروه في كل لمحة وزمان، واعلموا أن الله شديد البطش شديد العقاب ولا تغتروا بسعة رحمته، ولا تحسبوه غافلا عما يعمله أهل مخالفته، فإنه يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، وهو سريع الحساب، وتنبهوا من نوم الغفلة واتركوا الانهماك في اللذة، فإن وراءكم الحساب والكتاب واستغفروا الله في كل ساعة، فقد كثرت فينا الأعمال الردية، فشا الربا والزنا والحقد والحسد والبهتان والنميمه وأكل الحرام واللواطة وأقبحها الغيبة، وقد ارتكبها كل شيخ وشاب، أما سمعتم قوله تعالى: {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه}(1).
أما قرع سمعكم ما أخبر به نبيكم: (درهم من الربا يأكله الرجل أشد من ثلاث وثلاثين زنية، أدناها أن يزني الرجل بأمه وإن أربي الربا استطالة عرض المسلم)(2).
أما علمتم أن الرضى بالغيبة كالغيبة، والساكت شريك المغتاب، فإلى الله المشتكي من زمان كالجيفة، وأهله كالكلاب، فأن كنت كلبا أكلت معهم وإلا أكلتك الكلاب، أمراؤهم سباع، ووزراؤهم ذياب، اغتروا بالدنيا مع علمهم بأنها سريع الزوال شديد الانقلاب، كم قتلت قتيلا، ودمرت مثيلا، وأهلكت نبيلا، وأفسدت عقيلا؟! كم نقضت عهدا وهدمت مجدا، وجددت الحزن والالتهاب؟!
पृष्ठ 47