وسألته: عن قول الله سبحانه: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه فإنما هو خلاف على اليهود فيما كانوا يحرمون ما لم يحرم الله من أشياء كانوا يحرمونها، وخلاف على أهل الجاهلية أيضا في تحريم أشياء كانوا يفترون على الله فيها الكذب فلا يستحلونها، وهي أشياء تكثر عن أن تعدفيما كتبنا لكم من هذا الكتاب، وليس مما يحتاج إليه فيما سألتم عنه من الجواب، وليس يحريم في مأكل ولا مطعم إلا ما حرم الله في كتابه المحكم.
ومن ذلك ما ذكر في هذه الآية وغيرها من أشياء كثيرة لا يحتاج في جوابكم هذا إلى تفسيرها منها أكل أموال اليتاما ظلما، ومنها أكل ما جعله الله من الربا محرما، ومنها: أكل أموال الناس بالباطل كثير آ مما نهى الله عن أكله لكل آكل، فقال سبحانه: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون، فقال سبحانه: يآ أيها الذين آمنوا لاتأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون وقال سبحانه ولا تأكلوا أموالكم بينهم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا.
فحرم الله هذا كله، إذا كان لمسلم ملكا ومالا مواتا كان أو حيوانا ولم يحرم سبحانه على طاعم أن يطعمه من حيوان الأنعام إلا ما ذكر الله في الآية مما خصه بالذكر من الحرام فأحل سبحانه ذلك كله مستحلا ولم يحرم شيئا منه تحريما فأحل ما حرم منه، وفيه لمن اضطر من المؤمنين إليه، وفي إحلاله لذلك وإفضاله وما من به فيه من حلاله ما يقول سبحانه: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم.
وليست المغفرة هاهنا من ذنب ولا عن حرام مرتكب ولكنها مغفرة تحفيف ورحمة فيما وضع من من التكليف.
पृष्ठ 56