الاقتصار على الشق الثاني فقط، وهذا ظاهر على من سلك جادة الإنصاف وخلع ربقة الاعتساف، ثم مما يشهد شهادة معدلة بأن كلام العلامة عام في كل الكواكب سيارها وثابتها.
قوله في أواخر المبحث: والفرق بأن العلوية والثوابت يستنير معظم الجزء المرئي منها الخ لتشريكه الثوابت مع العلوية في استنارة معظم المرئي منها في هذا المقام ينادي على ما هو المقصد والمرام، والقول: بأن ذكر الثوابت إنما هو لنسبة حال العلوية بحالها في كونهما مشتركين في ذلك الحكم، لكونها فوق الشمس، لا لإثبات عدم استنارتها من الشمس كلام لا أظنك وكل ألمعي ترتابان في عدم وثاقة أركانه فلا حاجة للتصدي لصدع بنيانه.
والله الهادي.
إذا تقرر هذا فلا بأس بتوضيح الكلام الذي أوردناه على تقدير إغماض العين عما أسلفناه وقبول كون كلام العلامة خاصًا بالخمس المتحيرة لا غير، وهو يستدعي تمهيد مقدمة هي: أن نفوذ الشعاع في الجسم على ضربين.
الأول: نفوذ مرورو تجاوز عنه إلى ما ورائه كنفوذ شعاع الشمس في بعض الأفلاك والعناصر منحدرًا إلينا ونفوذ شعاع البصر في بعض العناصر والأفلاك مرتقيًا إلى الكواكب.
الثاني: نفوذ وقوف واجتماع من غير تجاوز إلى ما ورائه كنفوذ ضوء النار في الجمرة والحديد المحماة وضوء الشمس في الشفق والثلج ونحوهما ونفوذ شعاع البصر في القطعة الثخينة من الجمد والبلور والماء الصافي الذي له عمق يعتد به.
والنفوذ الأول لا يستلزم تكيف الجسم بالضوء النافذ فيه وإن كان شديدًا ولا انعكاسه عنه إلى ما يقابله، ولو فرض حصوله ففي غاية الضعف والقلة، بخلاف الثاني فإنه يوجب تكيف الجسم بالضوء وانعكاسه عنه تكيفًا وانعكاسًا ظاهرين وسيما إن كان ذا لون كما ما نحن فيه، وعلى مثل هذا بني الشيخ الرئيس جواب سؤال أبي الريحان له عن سبب إحراق الشعاع المنعكس عن الزجاجة المملوؤة ماءً، دون المملؤة هواءً كما هو مذكور في موضعه وحينئذ أقول: حاصل كلامي على العلامة: إن القائل باستفادة أنوار الكواكب من الشمس، له أن يجعل نفوذ شعاعها فيها من قبيل النفوذ الثاني، فيستنير أعماقها به كالكرة من البلور الصافية، أو التي لها لون ما إذا أشرقت عليها الشمس ونفذ شعاعها في جميع أعماقها نفوذ اجتماع، فإنه إذا نظر إليها من أي الجهات كان يرى كلها مستنيرًا فلا يلزم في اختلاف تشكلات الكواكب كما في القمر إذ لم يبق شيء من أجزائها مظلمًا وهذا ظاهر لا سترة فيه.
1 / 51