وليت شعري كيف يورد عليه أنه لو نفذ شعاع الشمس في أعماقها لكانت شفيفة لا محالة، فلا يمنع نفوذ شعاع البصر فيها ولا يحجب ما ورائها الخ، فإن هذا الموردان أراد النفوذ بالمعنى الأول فنحن لم نقل به الكواكب، كيف؟ وهو مكيفة بالضوء تكيفًا ظاهرًا وهو منعكس عنها انعاكاسًا باهرًا، وإن أراد النفوذ بالمعنى الثاني لم يلزم كونها شفيفة، بل غاية ما يلزم منه نفوذ شعاع البصر فيها أيضًا بهذا المعنى لا بالمعنى الأول، فكيف يلزم أن لا يحجب ما وراءها عن الرؤية على أن للمانع أن يمنع لزوم نفوذ شعاع البصر في أعماق الجسم كنفوذ شعاع الشمس فيه بهذا المعنى وإن كنا غير محتاجين، في إتمام كلامنا إلى هذا المنع. والقائل: بأنه لو لم يكن شعاع البصر ألطف من شعاع الشمس فلا يكون أكثف فكيف ينفذ الثاني دون الأول، إن أراد معنى التبادل أي كيف ينفذ فيه شعاع الشمس تارة ولا ينفذ فيه شعاع البصر أخرى، فحق، لكن لا ينفعه ولا يضرنا، وإن أراد معنى الاجتماع أي كيف لا ينفذ شعاع البصر حال نفوذ شعاع الشمس؟ ففيه نظر ظاهر لجواز أن يكون شدة الشعاع المكتسب القائم بالجسم وبهوره مانعًا من نفوذ شعاع البصر فيه كما هو محسوس في الثلج والبلور الثخين إذا أشرقت عليه الشمس، فإن شعاع البصر يكل ويتفرق بمجرد الوقوع على سطحها ولا يمكنه النفوذ في أعماقها، وهذا ظاهر، ومنه يظهر أنه يكفي في حجب السيارات ما ورائها مجرد استضائتها الباهرة للبصر لكنا ضممنا ألوانها الأصلية إلى أنوارها الكسبية وجعلنا المجموع موجبًا للحجب كما نقلنا عن السيد السند بحصول زيادة الحجب بها في الجملة، فاتضح بما تلوناه حال القول: بأنه لو كان ضوء الخمس المتحيرة مستفادًا من الشمس لما حجبت ما وراءها، واستبان بما قررناه أنه على تقدير كون كلام العلامة مخصوصًا بهذه الخمس فقط وكلامنا عليه باق بحاله، والحمد لله على جزيل إفضاله.
سعد الدين ابن عربي
ترى يسمح الدهر الضنين بقربكم ... وأحظى بكم يا جيرة العلم الفرد
إذا لم يكن لي عندكم يا أحبتي ... محل ولا قدر فإن لكم عندي
القيراطي
حسنات الخد منه قد أطالت حسراتي ... كلما سآء فعالًا قلت إن الحسنات
راحت وفود الأرض عن قبره ... فارغة الأيدي ملاء القلوب
1 / 52