بين له ذلك قال: هذا أحسن ما بينته لنا - يتبين لك غربة الإسلام. وهذا مصداق ما تواترت به الأحاديث عن رسول الله أنه قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم" الحديث. وتأمل أيضا ما وقع من هذا الرجل وتجويزه الاستغاثة بغير الله، وأنه يجوزالاستغاثة بغير الله وأنه يجوز الاستغاثة بالنبي ﷺ في كل ما يستغاث الله به واحتجاجه على ذلك بمتشابه القرآن والسنة ويكفر من قال لا يستغاث إلا بالله وبالأمور التي لا يقدر عليها إلا الله، من كشف الشدائد، وإنزال الفوائد. ثم تأمل رد الشيخ رحمه الله تعالى بالآيات المحكمات، والبراهين القاطعات، من الأحاديث الصريحات يتبين لك الأمر إن هداك الله، وتنزاح عنك الشبهة التي أدخلت كثيرا من الناس النار، وهي الاغترار بما عليه الآباء والأجداد، وما استمر عليه عمل كثير من أهل البلاد. ومن أعجب ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى عن هؤلاء المشركين في زمانه أن أحدهم يسجد للقبر ويستدبر القبلة ويقول أحدهم: القبلة قبلة العامة، وقبر الشيخ فلان قبلة الخاصة. قال رحمة الله عليه: هذا يقوله من هو أكثر الناس عبادة وزهدا، وهو شيخ متبوع. قلت: كالذي يشاهد اليوم في زماننا يفعل في مشهد علي وغيره من المشاهد والمساجد المبنية على القبور يجدون من الرقة والخشوع والبكاء أعظم مما يجدون في بيوت الله، بل إذا قام أحدهم في الصلاة بين يدي الله تعالى نقرها نقر الغراب، ومنهم من يحلف بالله اليمين الغموس كاذبا، فإذا قيل له احلف بتربة فلان أو بفلان أبى أن يحلف كاذبا، فيكون فلان أو تربته والشيخ فلان أعظم في صدره من الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون ما أعظمها من مصيبة، تالله إنها فتنة عمت فأعمت، وربت على القلوب والأسماع فأصمت. وتأمل أيضا رحمك الله تعالى قول الشيخ رحمه الله تعالى: وهذا ما علمته ينقل عن أحد من العلماء، لكنه موجود في كلام بعض الناس مثل الشيخ يحيى الصرصري والشيخ محمد بن النعمان، وإن هؤلاء وأشباههم ليسوا من أهل العلم العالمين بمدارك الأحكام، الذين يؤخذ بقولهم في شرائع الإسلام، ومعرفة الحلال من الحرام، فإن الشيخ يحيى الصرصري الحنبلي في شعره قطعة من دعوة الرسل
1 / 373