بك أستغيث بك أستجير، أغثنا، أجرنا، ويقول: أنت تعلم ذنوبي، ومنهم من يقول للميت: اغفر لي وارحمني وتب علي ونحو ذلك، زمن لم يقله من عقلائهم فإنه يقول: أشكو إليك ذنوبي، وأشكو إليك عدوي، وأشكو إليك جور الولاة، وظهور البدع، وجدب الزمان وغير ذلك. فيشكو إليه ما حصل من ضرر في الدين أو الدنيا، ومقصوده بالشكوى أن يشكيه فيزيل ذلك الضرر، وقد يقول مع ذلك: أنت تعلم ما نزل بنا من الضرر، وأنت تعلم ما فعلته من الذنوب. فيجعل الميت أو الحي الغائب عالما بذنوب العباد وجزئياتهم التي يمتنع أن يعلمها بشر حي أو ميت. ثم منهم من يطلق سؤاله والشكوى ظنا منه أنه يقضي حاجته كما يخاطب بذلك ربه بناء على أنه يمكنه ذلك بطريق من الطرق، وأنه وسيلة وسبب وإن كان السائل لا يعلم وجه ذلك، وعقلاؤهم يقولون مقصودنا أن يسأل الله لنا، ويظنون أنهم إذا سألوه بعد موته أن يسأل الله لهم فإنه يسأل ويشفع كما يسأل ويشفع لما سأله الصحابة ﵃ في الاستسقاء وغيره، وكما يشفع يوم القيامة إذا سئل الشفاعة ولا يعلمون أن سؤال الميت أو الغائب لا يشرع البتة، ولم يفعلهما أحد من الصحابة، بل عدلوا عن سؤاله وطلب الدعاء منه إلى سؤال غيره وطلب الدعاء منه، وإن الرسول ﷺ وسائر الأنبياء والصالحين وغيرهم لا يطلب منه من بعد موته من الأمور ما كان يطلب منه في حياته. والله أعلم. اهـ ملخصا. فتأمل رحمك الله تعالى كلامه ساعة بعد ساعة ويوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وسنة بعد سنة لعلك أن تعرف أن دين الإسلام الذي بعث الله به جميع رسله وأنزل به جميع كتبه، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ وقال تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾ الآية. ثم تأمل ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى من أنواع الشرك الأكبر الذي قد وقع في زمانه لمن يدعي العلم والمعرفة وينتصب للفتيا والقضاء، لكن لما نبههم الشيخ على ذلك وبين لهم أن هذا هو الشرك الذي حرمه الله ورسوله تنبهوا وعرفوا أن ما هم عليه شرك وضلال، وانقادوا للحق - وإن بعضهم لما
1 / 372