विश्व साहित्य पुरस्कार: नोबेल पुरस्कार का एक उदाहरण
جوائز الأدب العالمية: مثل من جائزة نوبل
शैलियों
درجات المثل الأعلى في جائزة نوبل
ينظر النقاد إلى جائزة نوبل نظرة أخلاقية نفسية، إلى جانب نظرتهم العامة إلى محاسن الفن والأدب؛ لأن مؤسسة نوبل - كما تقدم - قد وضعت جوائزها - في أساسها - في خدمة السلام، ورعاية المثل العليا في القضايا الإنسانية، وقد جعلت محاسن الفن والأدب مناسبة من المناسبات الكثيرة لتحقيق تلك الغاية، مع غيرها من مساعي العلماء والمصلحين، وزعماء الأمم وأقطاب السياسة فيها.
فإذا روجعت جوائز عشرين سنة، أو ثلاثين سنة على التوالي، فتلك في الواقع مراجعة لأطوار الأمم الغربية في النظرة إلى الحياة، وفي مقدار الأمل الإنساني فيها، أو في مقدار الثقة عندها بالمطالب المثالية، وبالمستقبل القريب والبعيد في عهدها الحاضر، وفي الواقع الملموس في تقريرها.
وقد روجعت جوائز ستين سنة بهذه النظرة الأخلاقية الإنسانية، فكانت لها دلالتها الصادقة على تطور العصر الحديث في الإيمان بالمثل الأعلى، وكانت خلاصة هذه الدلالة الصادقة أن درجات المثل الأعلى تهبط من فترة، وأن عصر الطيران يحلق بالإنسان في أجواء الفضاء، ولا يحلق به في أجواء الرجاء، ولا يخلق له جناحين للوثوب إلا ليستقر بقدميه على قرار من الأرض؛ قلما يطمئن إليه.
ومنذ أواخر القرن الماضي عرف الإنسان في الغرب طبقات ثلاث من المثل العليا، تهبط كل طبقة منها عما فوقها، ولا يطول بها القرار في مكانها، ولكنها تنتهي آخر الأمر إلى القرار الذي لا حيلة لها فيه؛ لأنها لا تستطيع أن تهبط إلى ما دونه، ولا تفقد الأمل فيه إلا يأسا من كل قرار، ومن كل مصير، فإما صعود بعد ذلك على ثقة جديدة غير الثقة الضائعة، وإما قنوط ينذر بالفناء .
كان للمثل الأعلى - في أوساط القرن الماضي - جو رفيع واسع الأرجاء يتصل بالعقيدة الدينية، ويرتقي صعدا إلى السماء؛ ولا حدود للرجاء في الكمال مع الإيمان بالإله القادر على كل شيء.
وكان المتدينون، وغير المتدينين سواء في تلك الفترة؛ لأنهم ولدوا جميعا في جو العقائد الموروثة، فمن خرج منهم على العقيدة لم يخرج عن تراث الآباء والأجداد، ولم ينس الرجاء في الكمال، ولا الثقة بالمصير، ذهابا مع التقليد، ومجاراة العرف الشائع، وإن لم يخطر في باله أنه سائر على نهج المقلدين.
وغلبت الشكوك على العقائد في معظم الأمم الغربية، فتحولت الأنظار من السماء إلى الأرض، وبحث المؤمنون بالواجب عن شيء يوجبون على أنفسهم أن يؤمنوا به فلم يجدوا قبلة للإيمان غير قبلة الإنسانية جمعاء ... فمن شاء منهم أن يفهم لحياته معنى فالعمل للإنسانية هو كل معناه الذي بقي لديه، وهو كل ما يستحق عنده التضحية في سبيله، والجهاد من أجله، وكل ما يعلو به على عبادة الذات وخسة النفس المطوية على الأنانية وشهوات الحاضر المحدود.
ثم تحطم كيان الإنسانية في مصطدم عنيف من حروب وثورات الشعوب والطبقات، فضاع الأمل في الإنسان الخالد بين صيحات المتعصبين للعنصر، وأباطيل المروجين للدول، وأصحاب السلطان، وشكايات الداعين إلى الطبقة والطائفة دون الأمة والجماعة، واستحال الإيمان بالإنسان في هذا الجو الذي شاعت فيه عداوة الإنسان للإنسان، وشاعت معها ذرائع العداوة والبغضاء على كل لسان، فمن يثبت في نفسه بقية الإيمان بشيء فإنه لا يبحث عنها في السموات، ولا في الأرضين، ولكنه يبحث عنها في نفسه، وينشدها في أعماق ضميره؛ ولم يكن من المصادفات في الغرب كله، أن تشيع في هذه الفترة دراسات علم النفس، وأن يصبح طب الروح دينا تفتح له المحاريب، ويتولاه كهان من العصر الحديث، كأنهم في البحث عن الأسرار والخفايا رهط من كهان الأولين.
فالجيل المعاصر من الغربيين لا يحلق في الفضاء ليبحث عن مثله الأعلى، ولكنه يتعمق في أغوار نفسه ليسأل هنالك عن الرجاء، أو ليخلق فيها الرجاء الذي يقدر عليه ، وشعار الحياة عنده أن الإيمان هو موضع الاختيار الوحيد: بين الثقة والبقاء، وبين اليأس والضياع، وما دام له وجود فثقة الموجودين أولى به من ضياع اليائسين.
अज्ञात पृष्ठ