وربما كان المتقابلان مشهورين بحسب رأيين أو غرضين ، ولا يلزم الجدلي | أن يستعمل الحجج التي تنتج حقيقة ، بل قد يستعمل ما ينتج بحسب الشهرة ، | أو تسليم الخصم ، وإن كان عقيما في نفس الأمر .
وفوائد الحجج الجدلية : إلزام المبطلين ، والذب عن الأوضاع ، فيقابل | فاسد بفاسد لئلا يشرع مع كل مهارش في أسلوب التحقيق ، وإقناع أهل | التحصيل من العوام والمتعلمين القاصرين عن البرهانيات ، أو غير الواصلين | إلى موضعه بعد .
وربما لاح من المجادلة على طرفي النقيض بين الخصمين برهان أحدهما | ويحصل منه رياضة الخاطر وغير ذلك .
وأما الخطابة فإنها صناعة علمية ، يمكن معها إقناع الجمهور ، فيما يراد | تصديقهم به ، بقدر الإمكان . ومبادئها ثلاثة :
المقبولات ممن يوثق بصدقه أو يظن صادقا . والمشهورات في مبادئ | الرأي ، وهي التي تذعن لها النفس في أول اطلاعها عليها ، فإن رجعت إلى ذاتها | عاد ذلك الإذعان ، ظنا أو تكذيبا ، مثل : انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، فإنه عند | التأمل يظهر أن الظالم ينبغي ألا ينصر ، وإن كان أخا .
والمظنونات : وهي التي تميل إليها النفس مع شعورها بإمكان مقابلتها ، | فهي وإن كان المحتج يستعملها جزما فإنه إنما يتبع فيها مع نفسه غالب الظن .
وهي كما يقال : فلان يتكلم مع الأعداء جهارا ، فهو متهم ، وربما يكون | مقابله مظنونا باعتبار آخر ، كما يقال ذلك بعينه في نفي التهمة عنه .
والحجج المستعملة فيها هي ما يظن منتجا ( سواء ) كان منتجا في نفس | الأمر ، أو لم يكن .
पृष्ठ 198