وينتفع بها في تقرير المصالح المدنية ، وفي أصولها الكلية ، كالعقائد | الألهية والقوانين العلمية .
وقد يكون بعضها منبها للنفس على تحصيل العلم اليقيني ، أو معدا لها | لقبول ذلك من مبدئه .
وهذه الفائدة ربما كان بحسب بعض الأشخاص دون غيرهم .
وأما الشعر : فهو صناعة يقتدر معها على إيقاع تخيلات ، تصير مبادئ انفعالات | نفسانية مطلوبة .
فمبادؤها المخيلات ، وهي التي تؤثر في النفس انبساطا أو انقباضا ، | أو تسهيل أمر أو تهويله أو تعظيمه أو تحقيره . كما يقال للعسل أنه مرة | مقيء ، فينفر من أكله . وهذه قد تكون صادقة ، وقد تكون كاذبة ، وربما زاد | تأثيرها على تأثير التصديق ، وإن لم يكن معه تصديق . والتخيل محاكاة معا ، | والمحاكاة تفيد التذاذا وتعحبا كالتصوير مثلا وإن كان لشيء قبيح ، ولهذا كانت | النفوس العامية مطيعة له أكثر من طاعتها للإقتاع .
ولا يشترط في تأليف الحجة الشعرية ، أن تكون منتجة في نفس الأمر ، | بل بحسب الإقناع والتخيل فقط .
واشتركت الشعريات والخطابيات في إفادة الترغيب والترهيب ، في | الأمور الدينية والدنيوية .
وهذه الصنائع الثلاث ، أعني : الجدلية والخطابية والشعرية فذكر في | كل واحد منها كلام طويل ، يحتمل كتابا مفردا ، ولا يليق بغرض هذا الكتاب | أكثر من الذي ذكرناه .
पृष्ठ 199