-146- وهذا من أحكام الله التي يكون حكم الإمام فيها وحكم غيره سواء . والإمام حجة على خصمه في هذا الفصل .
وإن اتبع الإمام خصمه إلى من دعاه إليه ، كان ذلك أحب إلينا ، وأبر لساحة الإمام وللحاكم الداخل بينهما ، من غير أن يلحق الإمام ولا أحد من الحكام تهمة في الأحكام ، إلا أن يجب في ذلك على أحد ، وينزل تلك المنزلة من اللهمة ، فالحق أن ينزل بحيث أنزل نفسه ، ويحكم عليه بحكمه .
فصل : وكذلك لو ادعى الإمام على أحد من رعيته حدا ، من قذف له أو لمن يكون وليه في ذلك ، كان القول فيه في ذلك واحد ، وعليه البينة ، ويولي سماع البينة بينهما والحكم بينهما غيره ، وينزل منزلة الخصم ، ويجعل الحاكم بينهما لإقامة ما صح على خصمه من الحد ، فإذا صح الحد أمر الإمام بإقامة الحد على خصمه غيره ، وكان الحكم وإقامة الحد إلى الإمام ، وإلى من أمر الإمام ، إلا أنه لا يقيم الحد بيده ، ولا يأمر به بنفسه ، ولكن إذا أقام بينهما حاكما في ذلك ، وصح الحد على خصمه ، فأحب إلينا أن يكون يقيم الحد في ذلك اثنان فصاعدا من أعلام المسلمين ، لأنهم الحكام للإمام وعلى الإمام ، ولأن الامام لا تزول إمامته ، ولأن الحد لا يعطل في الإمام ، فإذا ثبت الحد ولم يثبت أن الإمام ينفذه ، وثبت أن الحد لا يقيمه إلا الامام كان الحاكم على الإمام ، هو يقوم مقام الإمام ، ويكون ذلك برأي الإمام ، فإن أقام عليه الحد رجل من المسلمين ، وقد أقامه الامام لانفاذ ذلك الحكم بينه وبين خصمه ، كان ذلك صوابا ، وكان ذلك حكما جائرا إن شاء الله ممن قذفه الإمام .
فصل : وذلك أنه قد ثبت في الإجماع أنه لو أمر الإمام القاضي أو غيره من الحكام بإقامة الحدود بين رعيته ، أن ذلك جائز ، وفعل ذلك الأئمة ، ولعل ذلك قد ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه أمر بإقامة الحدود غيره
पृष्ठ 147