وكان من الطبيعي أن يكون للشيخ أنصار يؤازرونه على إزالة المنكرات وقتال المفسدين، عملا بقوله تعالى:
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون .
ولذلك نرى أنه في شوال سنة 700 يخرج ومعه خلق كثير لقتال ناحية جبال الجرد وكسروان بسبب فساد نيتهم وعقائدهم وضلالهم، لممالأتهم التتار حين كانوا ينتصرون، فلما وصلوا إلى بلادهم جاء رؤساؤهم إليه معتذرين، فاستتابهم وبين لهم الحق، فحصل بذلك خير كثير وانتصار كبير على أولئك المفسدين.
14
ومن المعروف أن الشيخ كان شديد الإنكار للتوسل بغير الله الواحد الأحد، وشديد الإنكار أيضا لتقديم شيء من شعائر العبادة والتقديس لغيره تعالى ؛ ولهذا نراه في شهر رجب سنة 704 يروح إلى مسجد التاريخ، ويأمر أصحابه ومعهم حجارون بقطع صخرة كانت هناك بنهر «قلوط» تزار وينذر الناس لها، فقطعها وأراح الله المسلمين منها ومن الشرك بها كما يقول ابن كثير.
15
ويظهر أن ابن تيمية كان وحده رأس القائمين بتغيير المنكر باللسان، وباليد إن وجب الأمر، فإنه في تلك السنة نفسها - على ما يذكر ابن كثير - أحضر إليه شيخ كان يلبس دلقا كبيرا متسعا جدا يسمى المجاهد إبراهيم القطان، فأمر بحلق شعره وتقليم أظافره وكان ذلك طويلا جدا، وحف شاربه المسبل على فمه المخالف للسنة.
وقد فعل به ذلك كله، ثم استتابه من فاحش القول الذي كان يصدر عنه، ومن أكل ما يغير العقل من الحشيشة، ومن كل ما لا يجوز من سائر المحرمات. (4)
وأخيرا نشير إلى خروج الشيخ الأكبر في أوائل شهر المحرم من سنة 705 إلى بلاد الجرد والرفض واليتامنة، وتبعه نائب السلطنة جمال الدين الأفرم بنفسه، فنصرهم الله عليهم، وأبادوا كثيرا منهم ومن فرقتهم الضالة، ثم عاد نائب السلطنة في صحبة الشيخ إلى دمشق.
وقد كان لحضور الشيخ هذه الغزوة بنفسه أثر فعال في النصر، وأبان فيها ما هو معروف عنه من العلم والشجاعة، وكان منها خير كثير.
अज्ञात पृष्ठ