وهو في هذا يتأسى بالرسول
صلى الله عليه وسلم
إذ يقول: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم.»
والباحث في كتب التاريخ والتراجم يجد الكثير من مواقف ابن تيمية لله في هذه الناحية، ولكننا نكتفي هنا بذكر القليل منها مما يدل دلالة كافية قوية على ما نريد: (1)
يذكر ابن شاكر الكتبي، على سبيل التمثيل بشجاعته وعمله على رفع الظلم، أن رجلا من الناس شكا إليه من ظلم نزل به من قطلو بك الكبير، وكان هذا فيه جبروت ويأخذ أموال الناس غصبا، فدخل عليه الشيخ غير هياب ولا وجل، وتكلم معه فيما جاء به إليه، فقال له قطلو بك: أنا كنت أريد أن أجيء إليك لأنك عالم زاهد! يعني الاستهزاء به، فقال له الشيخ: موسى كان خيرا مني، وفرعون كان شرا منك، وكان موسى يجيء إلى باب فرعون كل يوم ثلاث مرات، ويعرض عليه الإيمان.
12 (2)
وفي إبان اشتداد الحال مع التتار، ووجوب التقرب إلى الله بالطاعات والبعد عن المنكرات حتى يكونوا أهلا لنصره، كان كثير من الناس لا يزالون مصرين على عاداتهم الخبيثة من الاتجار بالخمر وفتح الخمارات، وكان ذلك خليقا بأن يثير المؤمنين الصادقين وعلى رأسهم الشيخ العظيم ابن تيمية.
ولهذا يذكر ابن كثير في حوادث سنة 699 أنه في السابع عشر من رجب دار الشيخ تقي الدين رحمه الله وأصحابه على الخمارات والخانات، فكسروا أواني الخمور وأراقوها، وعزروا جماعة من أهل الحانات المتخذة لهذه الفواحش، ففرح الناس بذلك.
ولعل شدة ابن تيمية في هذه الناحية، وتكرر ذلك منه، قد أثار ضده جماعة من شانئيه، فثار بعضهم وشكوا منه بأنه يقيم الحدود ويعزر الناس على ما يرى. ولكن الأمر سكن بعد أن تكلم هو أيضا في شكاتهم وبين لهم أنه محق وأنهم مخطئون.
13 (3)
अज्ञात पृष्ठ