وأما الوجه الآخر من علم القدر الذي لا يحل النظر فيه ولا الفكر به وحرام على الخلق القول فيه كيف ولم وما السبب مما هو سر الله المخزون وعلمه المكتوم الذي لم يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا وحجب العقول عن تخيل كنه علمه والناظر فيه كالناظر في عين الشمس كلما ازداد فيه نظرا ازداد فيه تحيرا ومن العلم بكيفيتها بعدا فهو التفكر في الرب عز وجل كيف فعل كذا وكذا ثم يقيس فعل الله عز وجل بفعل عباده فما رآه من فعل العباد جورا يظن أن ما كان من فعل مثله جور فينفي ذلك الفعل عن الله فيصير بين أمرين إما أن يعترف لله عز وجل بقضائه وقدره ويرى أنه جور من فعله وأما أن يرى أنه ممن ينزه الله عن الجور فينفي عنه قضاؤه وقدره فيجعل مع الله آلهة كثيرة يحولون بين الله وبين مشيئته فبالفكر في هذا وشبهه والتفكر فيه والبحث والتنقير عنه هلكت القدرية حتى صاروا زنادقة وملحدة ومجوسا حيث قاسوا فعل الرب بأفعال العباد وشبهوا الله بخلقه ولم يعوا عنه ما خاطبهم به حيث يقول
ﵟلا يسأل عما يفعل وهم يسألونﵞ
पृष्ठ 247