وأما ما يجب علينا تركه وفرض علينا الإمساك عنه وحرام علينا الفحص والتنقير عنه هو النظر فيما شجر بينهم والخلق الذي كان جرى منهم لأنه أمر مشتبه ونرجىء الشبهة إلى الله ولا تميل مع بعضهم على بعض ولا نظلم احدا منهم ولا نخرج أحدا منهم من الإيمان ولا نجعل بعضهم على بعض حجة في سب بعضهم لبعض ولا نسب أحدا منهم لسبه صاحبه ولا نقتدي بأحد منهم في شيء جرى منه على صاحبه ونشهد أنهم كلهم على هدى وتقى وخالص إيمان لأنا على يقين من نص التنزيل وقول الرسول أنهم أفضل الخلق وخيره بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولأن احدا ممن أتى بعدهم ولو جاء بأعمال الثقلين الإنس والجن من أعمال البر ولو لقي الله تعالى ولا ذنب له ولا خطيئة عليه لما بلغ ذلك أصغر صغيرة من حسنات أدناهم وما فيهم دني ولا شيء من حسناتهم صغير والحمد لله
وأما القدر فعلى وجهين
أحدهما فرض علينا علمه ومعرفته والإيمان به والتصديق بجميعه
والآخر فحرام علينا التفكر فيه والمسألة عنه والمناظرة عليه والكلام لأهله والخصومة به
فأما الواجب علينا علمه والتصديق به والإقرار بجميعه أن نعلم أن الخير والشر من الله وأن الطاعة والمعصية بقضاء الله وقدره وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وأن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا علمهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ووفقهم لأعمال صالحة رضيها أمرهم بها فوفقهم لها وأعانهم عليها وشكرهم بها وأثابهم الجنة عليها تفضلا منه ورحمة وخلق النار وخلق لها أهلا احصاهم عددا وعلم ما يكون منهم وقدر عليهم ما كرهه لهم خذلهم بها وعذبهم لأجلها غير ظالم لهم ولا هم معذورون فيما حكم عليهم به فكل هذا وأشباهه من علم القدر الذي لزم الخلق علمه والإيمان به والتسليم لأمر الله وحكمه وقضائه وقدره فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون
وسيأتي من علم القدر وما يجب على المسلمين علمه والمعرفة به وما لا يسعهم جهله مشروحا مفصلا في أبوابه على ما جاء به نص التنزيل ومضت به سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وبالله نستعين وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله
पृष्ठ 246