للآخر، ووجدت مؤلفه قد أحسن ما صنع، وحرر ما قرر وجمع، فليتلق بالقبول، وليُرجَع إلى ما فيه من النقول، وظهر بذلك علو شأنه وتميزه على أقرانه، فلله دَرُّه من إمام همام، وعالم مُفْتنٍّ علام، قد جمع فأوعى، وسعى في تحصيل الفضائل، فلا خَيَّب اللَّه هذا المسعى، وجعلني وإياه من المخلصين في خدمته، الفائزين بمغفرته ورحمته، وختم لنا أجمعين بالحسنى، وبَوَّأ لنا من قربه المحل الأسنى، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير" (١).
وقال زميله عبد الوهاب الشعراوي ﵀: "صحبته أربعين سنة فما رأيت عليه شيئًا يشينه في دينه، بل نشأ في عفة، وصيانة، وعلم، وأدب، وديانة. . . وما سمعته قط يستغيب أحدًا من أقرانه ولا غيرهم، ولا حسد أحدًا على شيء من أمور الدنيا. . .، وما رأيت أحدًا أحلى منطقًا ولا كثر أدبًا مع جليسه منه، حتى يود أنه لا يفارقه ليلًا ولا نهارًا. . .، وبالجملة: فاوصافه الجميلة تَجِل عن تصنيفي، فأسأل اللَّه -تعالى- أن يزيده من فضله علمًا، وعملًا، وورعًا إلى أن يلقاه وهو عنه راضٍ آمين، اللهم آمين" (٢).
وقال زميله الجزيري: "وكانت أيامه جميعًا اشتغالًا بالفُتيا، أو التدريس، أو بالتصنيف، مع جلوسه في إيوان الحنابلة للقضاء وفصل الأحكام" (٣).
وقال أيضًا: "ثم بعد وفاة شيخنا شهاب الشويكي بالمدينة، وتلميذه الشيخ موسى الحجاوي بالشام، انفرد فيما أعلم في سائر أقطار الأرض، وقُصد بالأسئلة من البلاد الشاسعة كاليمن وغيره" (٤).
_________
(١) منتهى الإرادات (٢/ ٧٣٠، ٧٣١).
(٢) النعت الأكمل ص (١٤١، ١٤٢)، السحب الوابلة (٢/ ٨٥٨).
(٣) السحب الوابلة (٢/ ٨٥٥).
(٤) السحب الوابلة (٢/ ٨٥٥).
مقدمة / 31