وكانت سعدية طفلة في العاشرة تجري وتلعب، وأحيانا تقفز فيرى ساقيها وفخذيها السمينتين، ولم يدر لماذا كان يطيل النظر إليها، وحينما كان يستدرجها إلى «البلكونة»، ويجلسها إلى جواره، ويمر بأصابعه على ساقيها، يتحسس بشرتها الناعمة كأنه يقول لنفسه: عيب يا حاج بدوي، ده انت خالها، وبتربيها بعد موت أبوها، عيب يا راجل، يا اللي حاجج بيت الله!
لكنه كان لا يستطيع أن يقاوم هذه الرغبة الملحة كلما رآها وهي تقفز، فرق كبير بين ساقيها الناعمتين وبين ساقي زوجته الرفيعتين اليابستين.
وأحيانا حينما كان يفقد السيطرة على رغبته يضمها إلى صدره، ويداعب بشاربه الكثيف وجهها الناعم النضر، ولا يتركها إلا بعد أن تخنقها رائحة التبغ في أنفاسه فتصرخ، أو تعض أصبعه.
وفي مرة لم يكن بالبيت سواها، وكان مستلقيا على السرير، يعربد بأنفاسه مع الجوزة، ويراقب سعدية وهي تلعب كعادتها، وأحس برغبة جارفة، وشعر كأن دمه يغلي في عروقه، ولم يستطع المقاومة، وقام إليها وحملها، ووضعها على السرير، وأحس الحاج بدوي بالعرق يتصبب من جسمه، فأزاح عن نفسه اللحاف، وتذكر منظره وهو يلبس ثيابه ويضع عمامته على رأسه، وينزل مهرولا إلى السوق، ثم يعود إليها فيجدها كفت عن البكاء، وحينما يعطيها الحلوى الكثيرة، تبتسم في سذاجة وتنسى كل شيء، وأحس بالراحة أنها لم تفهم شيئا، لن تقول لأمها ...
وجف عرق الحاج بدوي فأحس بالبرد، وسحب اللحاف ليغطي نفسه، فتعرت زوجته وظهرت ساقاها الرفيعتان، ينظر إليها بضيق. إنه يكره زوجته من أول ليلة، ولقد كرهها أكثر بعد حادثة سعدية، وأحس بالندم، وأصبح يفر من البيت إلى القهوة ليشرب الجوزة، ويدردش مع الحاج محمد، في الوقت الذي يبحلق فيه إلى «سيقان» النسوة، وهن يجتزن الشارع أمامه.
وانتشلته من ضياعه الست حمدية، تلك الأرملة السمينة التي تسكن في مواجهة القهوة، وكان يراها وهو يجلس على القهوة، تنظر بعين واحدة من فرجة الشباك، ويرى يديها البيضاوين السمينتين، وهي تمسك بضلفة الشيش، وساعدته الست حمدية في التعرف عليها، وفي زيارتها، وفي كل شيء، واستعاض بها عن زوجته «الكركوبة»، ونسي بها سعدية.
لم يعد يثيره منظر ساقيها وفخذيها وهي تقفز، حتى بعدما كبرت واستدارت، وبرز صدرها بشدة، لم يشعر نحوها بأي شيء، لولا تلك الحادثة المؤلمة التي وقعت منه، والتي كانت تطفو على ذاكرته، كلما فكر في زواجها. ولقد اختار لها حسين أفندي عريسا؛ لأنه رجل طيب، كان المرحوم أبوه رجلا غبيا، ولا يمكن لحسين أفندي أن يرث الذكاء عن أمه؛ لأنه فشل في تجارة الطعمية بعد أبيه، ونظره ضعيف، ولم يصلح إلا في وظيفته الحقيرة، التي توسط له فيها أحد أقاربه.
وانتفض الحاج بدوي في فراشه، وعاد إلى ذاكرته صوت حسين أفندي، ذلك الرجل الغبي الطيب كما كان يظن، وهو «يجعر» بأعلى صوته، ويسب الشرف ويبصق على العرض، ويصر على أن يطلق «بالثلاثة» قبل ظهور الشمس، وأن يسترد مهره وكل هداياه، وأن يتنازلوا عن المؤخر وعن النفقة، وأن ينهوا الموضوع في السر، وإلا جعلهم مثلة الحي.
وأحس الحاج بدوي بنار تتقد في بدنه، فقذف اللحاف عن جسده، ورماه على جثة زوجته، وقام يتمشى في الحجرة.
لقد أصبحت رقبته في «قصر» السمسمة، وهو لا يستطيع أن يرفع رأسه في الحي، ولا أن يجلس على القهوة، ولا حتى أن يرى الست حمدية، إنه الآن في نظر الناس كلهم رجل بلا شرف، حتى يغسل شرفه، والرجل عندهم لا يغسل شرفه إلا بالدم!
अज्ञात पृष्ठ