रास्ते में
في الطريق
शैलियों
فلم أدعه يتمها وانصرفت عنه، وأنا أغلى من الغيظ والنقمة على هذا الطفيلى الوقح الذى لا شك أنه روى لأخى ما رأى منى، فلم يسع أخى إلا أن ينبه أمى.. فقد كان غير شفيق، وكان يؤثر أن يدع أمر تربيتى لأمى.
وخرجت إلى الشارع أنفخ ولا أكلم أحدا حتى ولا صديقى الأثير، وكان يرى ما عرانى فيلح على أن أفضى إليه بالأمر فلا أجد لسانى قادرا على الدوران. وانقطعت عن الفتاة أياما كان صديقى فى خلالها حائرا بينى وبين صاحبته، يعز عليه ألا يكون إلى جانبى وهو يرانى مهموما مكروبا لا أتسلى ولا أقول بشجوى وألمى، ويكون معى فيمل صمتى الذى لا أخرج عنه، وتصبو نفسه إلى مجالسة السقاء وأخيرا نفد صبره، فقال لى يوما: «اسمع.. تعال معى إلى فوق».
وكان يعنى «بفوق» منزل الجارة، فنظرت إليه مستغربا كأنما كان عليه أن يعرف كل ما كتمت عنه فقال: «تعال.. قم.. قم».
فانحلت العقدة وانطلق لسانى، وقلت له: «ماذا يعجبك فى هذه الفتاة»؟ فتلعثم وأخذ يتنحنح، ولم يزد على أن سأل: «إيه»؟ قلت: «أو ماذا يعجبها فيك»؟
فرمانى بنظرة عتب ثم ابتسم ولم يقل شيئا، وخيل إلى أنه لو كان له شاربان لفتلهما، ثم قال ببساطة: «الحقيقة أنى أحبها و و و وهى أيضا تحبنى». فوثبت إلى قدمى من فرط الدهشة، وتناولت كتفيه فهززتهما وصحت: «ماذا تقول؟.. أعد هذا».
قال: «ماذا جرى لك؟ ألم تسمع؟ أحبها وتحبنى.. شىء بسيط جدا». ونحى يدى عن كتفيه.
وثابت إلى نفسى، فأطرقت قليلا ثم سألته: «كيف حدث هذا»؟ فقال: «لا أدرى كيف حدث؟ ولكنى أول من أمس سلمت عليها وجلست بجانبها ثم ملت عليها فقبلتها».
فسألته وأنا فى دهشة: «قبلتها؟.. هل تعنى أنك قبلتها»؟
فضحك وقال: «بالطبع أعنى أنى قبلتها.. ماذا تظننى أعنى غير ذلك»؟ فسألته: «ولم يسؤها ذلك؟ لم تغضب ولم تذهب عنك ساخطة»؟ فقال مستغربا: «تغضب؟ لماذا تغضب؟ أما أنك لغريب». فقلت وأنا مطرق: «غريب»! فقال: «غريب؟ ما هو الغريب»؟ قلت: «أعنى أنى أعرف واحدا قبل فتاة فسخطت عليه وولت منه هاربة». فقال ببساطة: «لابد أن يكون له وجه قرد».. وضحك.
وتركته وعدت إلى البيت، فكان أول ما صنعت أن نظرت فى المرآة وتأملت وجهى كما يبدو فى صقالها، ثم درت حول نفسى وعينى على جانبى وجهى ثم تنهدت وأقصرت. •••
अज्ञात पृष्ठ