فما كان من أسمائه متضمنًا لمدحٍ فوق ما عرفناه وأدركناه، كـ (الأعلى) و(المتعالي) فهو مندرج تحت قولنا (الله أكبر).
فإذا كان في الوجود مَنْ هذا شأنُه، نَفَينا أن يكون في الوجود مَنْ يشاكله أو يناظره، فحقَّقْنا ذلك بقولنا:
لا إله إلا الله، وهي الكلمة الرابعة؛ فإن الألوهية ترجع إلى استحقاق العبودية، ولا يستحق العبودية إلا من اتصف بجميع ما ذكرناه.
فما كان من أسمائه متضمنًا للجميع على الإجمال، كـ (الواحد) و(الأحد) و(ذي الجلال والإكرام) فهو مندرج تحت قولنا (لا إله إلا الله).
وإنما استَحقَّ العبوديةَ لِما وَجَب له من أوصاف الجلال ونعوت الكمال الذي لا يصفه الواصفون ولا يعدّه العادّون:
حُسنُك لا تنقضي عجائبُه ... كالبحر حدِّث عنه بلا حرجِ)
ثمَّ قال الشيخ: (ولو أُدرجت (الباقيات الصالحات) في كلمةٍ منها على سبيل الإجمال، وهي (الحمد لله): لاندرجت فيها. . .؛ فإن الحمد هو الثناء، والثناء يكون بإثبات الكمال تارةً، وبسَلْب النقص أخرى؛ وتارة بالاعتراف بالعجز عن درك الإدراك؛ وتارةً بإثبات التفرد بالكمال. والتفردُ بالكمال من أعلى مراتب المدح والكمال. فقد اشتملت هذه الكلمة (١) على ما ذكرناه في (الباقيات الصالحات)؛ لأنَّ الألف واللام فيها: لاستغراق جنس المدحِ والحمدِ مما عَلِمْنا وجَهِلْناه. ولا خروج للمدح عن شيء مما ذكرناه.
ولا يستحق الإلهيةَ إلا من اتصف بجميع ما قررناه) (٢).
٥ - جوانب مشرقة من سيرته ومناقبه:
١ - فمن ذلك أنَّه عَرَض عليه الملك الظاهر بيبرس بعد بنائه المدرسة
_________
(١) أي (الحمد لله).
(٢) طبقات الشافعية لابن السبكي ٨: ٢٢٠.
1 / 74