الشافعي، حديث ابن عباس أن أعرابيًّا جاء إلى النبي ﷺ، فقال: إني رأيت الهلال، فقال: (أتشهد أن لا إله إلا الله)؟ قال: نعم. قال: (أتشهد أن محمدًا رسول الله)؟ قال: نعم. قال: "فأذِّن في الناس يا بلال أن يصوموا غدًا". قال البلقيني: "فلو كان ما ذكره المخالف قادحًا، لَبيَّنه، ولَما أَمَر بالصيام".
(هـ): من اللفتات المهمة في تعليقات البلقيني التي تُنبئ عن المنهج العلمي الدقيق: ما يتطرّق إليه -في بعض المواضع- من المقارنة بين نسخ كتاب (قواعد الأحكام).
وهذه المقارنة من البلقيني، تدل على أنه كان مطّلعًا على نسخ أخرى من كتاب الشيخ ابن عبد السلام هذا، غير النسخة التي كان ينقل عنها نصوص عبارا ت الشيخ هنا في (الفوائد الجسام).
ووجه الدقة في صنيع البلقيني هذا، أنه قد يجد استشكالًا في بعض عبارات الشيخ ابن عبد السلام من حيث الخطأ والصواب، أو من حيث وجود نقص فيها مما يتطلب إكمالها حتى يستقيم المعنى؛ فينبّه البلقيني على وجه الملاحظة في مثل هذه المواضع، لكنه لا يُحمّل تَبعتها على الشيخ ابن عبد السلام، بل ينبّه إلى أنه وُجد الأمر هكذا في بعض النسخ من كتاب الشيخ ابن عبد السلام (ومنها النسخة التي كان البلقيني يُورد منها نصوص الشيخ ابن عبد السلام)، لكن النسخ الأخرى من كتاب الشيخ، خالية من هذه الأخطاء، ولهذا فلا يتوجّه على الشيخ ابن عبد السلام بسبب ذلك، إيرادٌ.
وقد وقفتُ عند البلقيني على مثالين من هذا القبيل:
أحدهما: أنه نقل في النص رقم ٥٢١ عبارة الشيخ ابن عبد السلام هكذا: (التوكيل في البيع المطلق، فإنه يتقيد بثمن المثل وغالبِ نقد بلد البيع) (١).
_________
(١) قواعد الأحكام ٢: ٢٢٥.
1 / 44