وكانَ يُقَال له الأَرقَمْ بن أبي الأرقم (^١) وأصابوا له ابنًا، كانَ شابًا مِنْ أحسنِ الناسِ، فضنُّوا بِهِ عَنِ القتل، فقالوا: نَسْتَحيِيه حتى نَقُدُمَ به على موسَى، فيرى فيه رأيَه، فأقبلوا وهو معهم، وقَبَضَ الله موسى قَبَلَ قُدُومِهم، فلما سَمِعَ النَّاسُ بقدومِهم تَلَقَّوهُم، فسألوهم، فأخبروهم عَنْ أَمْرِهم، فأخبروهم بَفتْح الله عليهم، وقالوا: لم نَسْتَبْقِ منهم أحدًا إلا هذاَ الفتى، فَإِنَّا لم نَرَ (^٢) شابًا أحسنَ منه، فاستبقينَاه حتى نَقْدُم به على موسى، فيرى فيه رأْيَهُ، فقالت لهم بنوا إسرائيل: إنَّ هذه لَمعصيةٌ منكم (^٣)؛ لِمَا خالفتم مِنْ أَمْرِ (^٤) نبيكم، لا والله لا تَدْخلوا علينا بلادَنا، فحالوا بينهم وبين الشام، فقالَ الجيشُ: ما بلدٌ إذ مُنِعتم بَلَدَكُم خَيْرٌ مِنْ البلدِ الذي خَرَجْتُم منه؟ (^٥). قَالَ: وكانتْ الحجازُ إذ ذاك أَشْجَرَ (^٦) بلادِ الله، وأَظْهَرَهُ ماءً، قالوا: وكَان هذا أول سكنى اليهود الحجاز بعدَ العماليق (^٧)، [بل كان علماؤهم يَجدون في التوراةِ أَنَّ نبيًا يهاجر مِنَ العربِ إلى بلدٍ فيه نخلٌ بين حرتين، فأقبَلوا مِنَ الشام يطلبون صِفَة البلد، فَنَزَلَ طائفةٌ بتيماء وتوطنوا نخلًا، ومضى طائِفةٌ، فلما وافوا خيبرَ ظنَّوا أنَّها البلدة التي يُهَاجِرُ إليها، فأقامَ بعضُهُم بها، ومضى أكثُرُهم وأَشْرَفُهُم، فلما رأوا يَثْرِبَ سبخةً وَحَرَّةً ونخلًا قالوا: هذا البلدُ الذي يكون فيه مهاجر النبي إليها، فنزلوه، فَنَزَلَ النضيرُ بِمَنْ مَعَهُ
_________
(^١) الأرقم بن أبي الأرقم: لم أجد له ترجمة.
(^٢) في (ج) و(د): (ننظر) بدل (نرى).
(^٣) وفي (ج) سقطت (منكم).
(^٤) سقطت من (ج) (من أمر).
(^٥) في (ج) بياض في الأصل بمقدار كلمتين، وفي (د) زيادة (بعد فتحه) بعد (منه)
(^٦) في (ج) و(د): (أكثر بلاد الله شجرًا).
(^٧) زيادة في (ج) و(د) بعد العماليق: (وقال آخرون):
1 / 73