ونحن مع شكنا في هذه الرواية عن ابن المقفع - لأسباب ليس هذا موضعها - فإننا نثبتها لأنها تمثل هذه النزعة.
4
ويقول الجاحظ: «ليس في الأرض كلام هو أمتع، ولا أنفع، ولا آنق، ولا ألذ في الأسماع، ولا أشد اتصالا بالعقول السليمة، ولا أفتق للسان، ولا أجود تقويما للبيان من طول سماع حديث الأعراب العقلاء الفصحاء.»
5
وهذه النزعة كان يمثلها أشراف العرب وبدوهم، كما كان يمثلها قوم من العجم أسلموا إسلاما عميقا، وأحبوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
من أعماق نفوسهم، وأحبوا العرب؛ لأن النبي منهم، ولأنهم أسلموا على أيديهم .
النزعة الثانية:
تذهب إلى أن العرب ليسوا أفضل من غيرهم من الأمم، ولا أي أمة أفضل من أي أمة، «والناس كلهم من طينة واحدة، وسلالة رجل واحد.» وإنما التفاضل بين الأفراد لا بين الأمم، «وليس تفاضل الناس فيما بينهم بآبائهم وأحسابهم، ولكن بأفعالهم وأخلاقهم، وشرف أنفسهم وبعد هممهم؛ ألا ترى أن من كان دنيء الهمة ساقط المروءة لم يشرف، وإن كان من بني هاشم في ذؤابتها، ومن أمية في أرومتها، ومن قيس في أشرف بطن منها! إنما الكريم من كرمت أفعاله، والشريف من شرفت همته.»
6
अज्ञात पृष्ठ