إن الجواد عيبه [1] فراره
ومن العجب كيف نكبه عضد الدولة وهو الموصوف بحسن السيرة والإنصاف فى السياسة مع ما سبق اليه من خدمته وعرفه أولا من خلوص نيته وأعطاه أخيرا من أمانته وموثقته.
إن كان الذي نقم عليه منه هو ما ذكر فى تاريخ من حال الكتب التي كتبها عن عز الدولة فغير مستحسن من الملوك أن ينقموا بغير حق وأن ينقضوا الأمان من غير موجب.
فلو أن عضد الدولة أمره بمثل ما كان عز الدولة أمره به هل كان يقدر على خلافه مع كونه فى قبضة سلطانه؟ والله تعالى يقول: «إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان» 16: 106 [2] . وربما خفى السبب أو أخطأ القياس والأشخاص تفنى والذكر يبقى والشاعر يقول:
وكذلك الزمان يذهب بالنا ... س وتبقى الديار والآثار [38]
ولو قال: «ويبقى الحديث والاخبار» لكان أقرب إلى الصواب فإن الديار تدرس والآثار تذهب والحديث يبقى والاخبار تروى على أن عضد الدولة أبقى عليه فى اعتقاله وعاود الحسنى فى إطلاقه وبدأ باستئناف الجميل معه.
لو أن المنايا أنسأته لياليا ووجدت رواية أخرى [3] فى سبب إطلاقه وهو أن عضد الدولة رق له لما
पृष्ठ 34