لأقضيها لك وأحسن إليك فلا شك أن ذلك الرجل يسر بذلك غاية السرور ويتهيأ لملاقاة الملك فيلبس أحسن الثياب ويصلح ظاهره لأنه موضع نظر الملك ويهيئ أحسن الكلام الذي يقرب به من خاطر الملك فإذا تيسر له مجالسة الملك ومحادثته ساعة أظهر غاية الأدب وإحضار القلب وحفظ جوارحه من العبث فإذا قضى حوائجه أو شيئا منها أو أعطاه شيئا من حطام الدنيا الفانية حصل له غاية الابتهاج والسرور وإذا لم يمتثل أمر الملك ولا اعتنى به ولم يحضر عنده أو أخر الحضور إلى آخر النهار من غير عذر أو حضر بتكاسل ولبس ثيابا وسخة دنية تدل على عدم اعتنائه بالملك فلا شك أنه لا يكون إلا سفيها وغير رشيد ولا شك أن الملك يهمله ويعرض عنه ولا يقضي حوائجه ولا يأذن له به حضور مجلسه بعد ذلك ونحن نجد ملك الملوك وسلطان السلاطين حاضرا معنا كل وقت وناظر إلينا كل آن يسمع كلامنا ويعلم ما في نفوسنا ليس له حاجب ولا بواب وقد دعانا إليه وإلى مناجاته وسؤال الحوائج في كل آن وهو أكرم من كل كريم لا ينقصه البذل ولا تسأم من كثرة السؤال بل أحثنا على سؤاله كل يوم ووعدنا على ذلك الثواب العظيم الذي تصغر الدنيا وما فيها عن أقل قليل منه ثم توعدنا على تركه بالعقاب وخوفنا من عذابه الأليم كل ذلك مبالغة في الكرم والتفضل فهل يكون أحد أكرم منه وهل يكون أحد أشد سفها وأكثر جهلا ممن يغفل عن ذلك ويؤخر العبادة
पृष्ठ 44