كل وقت فلا شك أن ذلك الغلام يحصل له بذلك تمام السرور والفخر ويبالغ في الخدمة بكل جهده ويتقنها غاية ما يمكنها ويشكر مولاه على ذلك إن كان عاقلا رشيدا ولا شك أنه إن قصر في الخدمة أو بعض شرائطها أو تضجر منها أو أخرها إلى آخر أوقاتها عد غير رشيد ولا عاقل واستحق العزل والإهانة وكذا الإنسان قبل بلوغه غير صالح لخدمة الباري عز وجل لمنقصته فإذا بلغ فقد كمل وحينئذ يكلفه مولاه ويأمره بخدمته والتشرف بمناجاته في حضرته فينبغي أن يعد ذلك من أكبر النعم وأن يبالغ في إتقان الخدمة وتعجيلها والالتفات إليها بقلبه لأن الباري مطلع عليه ويديم الشكر ويسأل الله أن لا يسلبه هذه النعمة ولا يعزله عن هذه الخدمة ليدوم له التشرف بها وليزيد الله من فضله قربا وشوقا ولا شك أنه إن لم يراع هذه النعمة ولم يشكرها أو استثقل بها أو أخرها وفعلها بتكلف وتضجر فإنه يستحق العزل وسلب النعمة
تتميم نفعه عميم
نحن نجد ملوك الدنيا وهم مثلنا عبيد عاجزون يحتجبون عن الناس أما نهارا فبالحجاب والبوابين وأما ليلا فبغلق الأبواب والحراس المتكثرين وإذا جلس للناس لا يمكن أن يدخل إليهم أكابر الناس إلا بمشقة وصبر طويل وملازمة لخدامهم وتحف يهدونها إليهم ليستأذنوا لهم وأما أدنى الناس وأوساطهم فقد لا يتيسر لهم ذلك فإذا أرسل ملك منهم عظيم الشأن إلى أحد أن احضر عندي غدا حتى أنادمك وسلني حوائجك
पृष्ठ 43