सिल्म अदब नफ्स
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
शैलियों
فمن ذلك ترى أن طبيعة الأميال والغرائز والشهوات والعواطف من جهة، والظروف المتضمنة الأفعال من جهة أخرى تعين القدر اللازم من كل من الشجاعة والتعفف، بحيث يتوازنان في الفعل لكي يعتدل في وجهته إلى الغاية الفضلى.
فإذا زاد أحدهما على الآخر انتفى أن يكون فضيلة، كما لو غاص شجاع في الماء وراء قرش رماه آخر فيه، أو كما لو هجم على بيت يحترق لكي يستخلص من متاعه شيئا؛ فشجاعة كهذه إلى حد التهور لا تعد فضيلة، كذلك إذا تعفف الطماع عن ترويح النفس في النزهة والملاهي ضنا بالمال إلى حد أن يعتل جسمه. التعفف كهذا إلى حد البخل لا يعد فضيلة. (2-4) الاعتدال ميزان الفضيلتين
إذن الاعتدال هو ميزان التوازن بين الشجاعة والتعفف، هو الفضيلة المركزية التي يعد الشجاعة والتعفف وجهيها: الواحدة إيجابية منفذة، والآخر سلبي منظم كما سبق القول؛ فهما كالعضلتين إلى جانبي المرفق تحركانه، فترتخي الواحدة بقدر ما تشتد الأخرى لكي تمتد الساعد إلى الجهة المرغوبة.
لذلك يصح القول: إن الاعتدال فضيلة الفضائل، وإنه وسط بين طرفي التفريط والإفراط، وكل منهما رذيلة، فالجسارة فضيلة؛ لأنها وسط بين الجبن والتهور، والكرم فضيلة؛ لأنه وسط بين البخل والإسراف، والشمم فضيلة؛ لأنه وسط بين العفة والكبرياء إلخ. ففي كل هذه الفضائل يشتد التعفف والشجاعة من جانبي الفضيلة بقدرين من القوة متكافئين، بحيث يجعلانها تعتدل في المنهج القويم. (2-5) التعفف اقتصاد بالقوى الأخلاقية
قلنا: إن التعفف باللغة العربية هو الكف عن كل ما لا يحل ولا يجمل لا قولا ولا فعلا، أو الامتناع عنه، وقد أطلقناه هنا على قمع الشهوة والامتناع عن الرغبة وصد الغرائز، وبالإجمال هو مقاومة الميل النفساني ورده إلى نقطة الاعتدال، فهو بهذا المعنى اقتصاد بالقوى الأخلاقية؛ لأنه يحول دون التفريط بها.
فكل الفضائل السلبية التي تضبط بها شهوات النفس؛ كالصبر والحلم والقناعة والتواضع والدعة إلخ، مشتقة من فضيلة التعفف، وإنما تتفاوت قيمتها ويختلف فضلها باختلاف الأحوال التي تتضمنها.
وفي عهد الرقي الأدبي تعد الطهارة في رأس الفضائل التعففية، والمراد بها طهارة النفس من الأدران الآثام، الطهارة القلبية الخالصة التي لا يطلب إثباتها بشهادة شهود غير شهادة الوجدان والضمير. هذه الفضيلة تضمن حسن السلوك؛ لأن النية الحسنة تضمن الفعل الحسن. (2-6) الشجاعة إسراف في القوى الأخلاقية
كما أن التعفف هو الإعراض عن اللذات الكاذبة المغرية ومقاومة التهيجات الغرارة، كذلك الشجاعة هي مقاومة عوامل الألم والخوف، والشجاعة نقيض التعفف من حيث الاقتصاد في القوة؛ فالتعفف يضن بالقوى الأخلاقية فلا يفرط بها. وأما الشجاعة فتبذلها وتسرف فيها.
والشجاعة تظهر في أشكال مختلفة، أهمها التجلد والاحتمال لدى الألم، والمواظبة والمثابرة لدى المصاعب ، والجسارة والإقدام لدى المخاطر والمخاوف، والصراحة بالحق لدى مقيدات الحرية الخارجية، وبالإجمال تعد الشجاعة ولاء للمثل الأعلى رغما من حيلولة الألم أو الخطر دونه. (3) المحبة (3-1) العدل والحكمة في جانبي المحبة
إن التعفف والشجاعة، اللتين ألممنا بهما فيما تقدم، هما فضيلتان مختصتان بالداخلية الشخصية، وقلما يكون لهما تدخل في نظم المجتمع؛ فهما تعنيان الفرد أكثر مما تعنيان الجماعة، إلا متى سلكت الجماعة مسلك الفرد كأمة أو دولة أو جمعية فتنسبان لها.
अज्ञात पृष्ठ