السيد لعبده: إلبس هذه الخلعة، أو إلبس هذا التاج، أترونه عاصيا إن لم يلبسها؟ قلت: هاتان معهما قرينة تدل على غير الأمر، وهو التبجيل والإكرام، وليس هو بموضع للعبد إلا إذا كان أهلا لذلك بعد أن يكون عبدا رايعا. والعبد يتوقف لهذه العلة عن درجة ومرتبة لم يبلغهما إلا إن كان يليق لذلك فترجع القصة كما كانت. ولسنا ننكر أن لفظة إفعل ترد أمرا وترد بخلافه. وإنما الكلام على ورودها مطلقة ولكنا نفول: إن وردت بغير قرينة فالأصل فيها الأمر ثم الوجوب على قول بعضهم حتى ترد معها قرينة وتقتضي غير الأمر. وقالوا أيضا: لو قال للصباغ اصبغ لي هذا الثوب لجاز له التوقف حتى يعلم أي لون يريد، فهذا لا يلزم لأن الألوان تشترك إلا إن كان صباغ البلد معروفا، فيكون عاصيا/ إن لم يمتثل. وأما إن كانت متساوية فيسوغ له التوقف. ولا بد في الخطاب من ظاهر تسبق إليه النفوس فيحتاج من دونه إلى قرينة. وكذلك لو قال اضرب الدابة خلافا لقوله اضرب الحمار إى إن كان للبلد عادة فهو أقعد.
فصل
والمندوب إليه مأمور به خلافا للشافعي؛ لكونه طاعة الله عز وجل وعبادة ووقع الثواب عليه، والحسن والخير والمدح. والفرق بينه وبين الواجب وجب الثواب وسقوط العقاب عنه وهما في الواجب جميا. والفرق بينهما وبين الإباحة أن الإباحة لا ثواب ولا عقاب. وقد اجتمعت الأمة أن النوافل كلها طاعة لله عز وجل ومندوب إليها وليست بواجبة. والذي أختاره أنها غير مأمور بها لما قدمناه من الوعيد على المتخلف عن أوامر الله تعالى. وقوله/ عليه السلام: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، وعند كل وضوء« (¬1) وهو قول عمروس بن فتح حين امتنع أن يقول إن الإيمان إنما كان
पृष्ठ 67