عبد ربه التائه
كان أول ظهور الشيخ عبد ربه في حينا حين سمع وهو ينادي: «ولد تائه يا أولاد الحلال.»
ولما سئل عن أوصاف الولد المفقود قال: فقدته منذ أكثر من سبعين عاما؛ فغابت عني جميع أوصافه. فعرف بعبد ربه التائه. وكنا نلقاه في الطريق أو المقهى أو الكهف، وفي كهف الصحراء يجتمع بالأصحاب، حيث ترمي بهم فرحة المناجاة في غيبوبة النشوات، فحق عليهم أن يوصفوا بالسكارى، وأن يسمى كهفهم الخمارة.
ومذ عرفته داومت على لقائه ما وسعني الوقت وأذن لي الفراغ. وإن في صحبته مسرة، وفي كلامه متعة، وإن استعصى على العقل أحيانا.
التعارف
وكان لي صديق خطاط ومن مريدي الشيخ، فرجوته أن يقدمني إليه، فمضى بي إلى الكهف مخترقين صحراء المماليك، وهناك رأيته وسط صحبه يتبادلون أنخاب المناجاة في نشوة هادئة نقية، فقدمني صديقي بين يديه، ولكنه استمر فيما كان فيه غير ملتفت إلى ما أضرم الحياء في قلبي، ولكن صديقي أخذني من يدي وجلسنا في آخر الصف.
وهمست في أذنه: الأفضل أن نذهب ...
فهمس في أذني: لقد قبل صداقتك، ولو كان رفضك لطردك بإشارة من يده.
وختمت الليلة بغناء طويل جميل، ولدى العودة سألني صاحبي: ما رأيك في المكان وأهله؟
فقلت: دخلوا قلبي بلا وسيط. عروتهم ساحرة، أصواتهم عذبة، والمكان جذاب هادئ، ورائحته زكية ...
अज्ञात पृष्ठ