अमीरा धात हिम्मा
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
शैलियों
وضاعف من هول المفاجآت السقم المفاجئ الذي حط على أمير المؤمنين الخليفة الهادي، مما حتم ضرورة عودة هارون العلوي في مثل تلك الظروف المحتدمة؛ ليعتلي من فوره كرسي الخلافة الخامسة للراشدين، ويعرف بالخليفة هارون الرشيد.
العصر الذهبي لهارون الرشيد
واستتب الأمر لأم المجاهدين - كما لقبها الخليفة - في حكم القسطنطينية وتخومها من بلدان الأروام حتى الأندلس، بعد أن اقتحم العرب أسوارها التي اضطلع بها البطال والأمير عبد الوهاب، الذي أقيمت أفراح زواجه من الأميرة «علوى»، أخت هارون الرشيد، بعد النصر الذي بهر الجميع لمدة سبعة أيام متصلة، ثم ما نشب من صراعات بين عبد الوهاب وبين زوجته الأولى - أخت الأمير راشد الكلبي المدعوة ب «أخت راشد » - نتيجة لزواجه السياسي الثاني، وهي التي رزق منها بأميرين أسماهما: قشعما وضيغما.
والأخير - أي الأمير ضيغم - ولدته أخت راشد، لكنها ماتت من فورها حزنا وغيرة من زوجته الثانية، فحزن عليها عبد الوهاب حزنا شديدا، ولبس عليها السواد شهورا، بل هو فضل دفنها بموطنها الحجاز حسب وصيتها، وعاد مصطحبا ولديه إلى القسطنطينية عبر رحلة بحرية طويلة شاقة، تعرض فيها هو وولداه قشعم وضيغم لبضع مؤامرات وكمائن من جانب قراصنة الأروام وفلول جيشهم المندحر، إلا أن النجدات سريعا ما كانت تصله في كمائنه، أو تلحق به من أمراء الحجاز وعيونهم، أو من أعين الأمير البطال، التي أصبحت لا تبعد عنه لحظة، خاصة بعد كمين محاولة اغتياله من جانب الملك مانويل، وبمساعدة بصاصيه وجواسيسه؛ إذ تم رصد أرفع الجوائز مقابل رأسه.
واجتاز الأمير عبد الوهاب - وبصحبته ولديه - سلسلة المؤامرات والكمائن التي نصبت له على طول البحر الأبيض المتوسط، منذ عودته من الحجاز وإشرافه على القسطنطينية، وتمكنه من اجتياز أسوارها ودخولها.
ووصل الاندهاش مداه بالأمير عبد الوهاب من ذلك التغير السريع الذي اعترى عاصمة الأروام البيزنطيين، نتيجة لما أحدثه العرب فيها من مبان ومنشآت، ومساجد ودور علم وأسواق ودواوين عامة خلال فترة تغيبه عنها بالحجاز.
وضاعف من ابتهاج عبد الوهاب حين وصل بولديه إلى قصر والدته الأميرة ذات الهمة متلهفا للقائها، ففاجأته ذات الهمة بأن دفعت إلى أحضانه بابنه قائلة: ابنك محمد ... سيف الإسلام.
كانت زوجته الثانية الأميرة «علوى» - أخت الخليفة الخامس هارون الرشيد - قد أنجبت له ابنه الأول منها، الذي استبشرت به ذات الهمة وأسمته بمحمد. وكان عبد الوهاب قد تركها حاملا في شهرها الرابع حين عودته بولديه إلى موطنه الحجاز لزيارة الأهل والقبيلة، وتعريف ولديه بمنبتهما؛ لدفن زوجته الحجازية أخت راشد، التي أرقه طويلا الحزن على موتها المفاجئ، وهي التي أمضى معها أعذب الأيام والليالي، وتشاركه أحلامه وآماله في النصر وتحقيق أمن المسلمين، ولم ينس ذروة حنوها عليه الذي أحاطته به عقب مرضه، نتيجة لجراحه التي ألزمته الفراش بضعة شهور بينما المعارك حول القسطنطينية في أوجها.
ومنذ ولادة سيف الإسلام تبنته جدته الأميرة ذات الهمة، بحيث حرصت على تربيته، وإرضاعه كل أفكارها الكبرى في الجهاد وتأمين ثغور وثغرات المسلمين التي منها ينفذ أعداؤها الطامعون.
بل إن ذات الهمة لم تغفل عيناها لومضة عن الخطر المحدق بوصول سفن وبواخر الملك مانويل وجيش الأروام لاسترداد ملكه وعرشه بكل الطرق والمهالك من أيدي العرب؛ فكانت في كل يوم تدخل التحسينات ومختلف التحصينات على خطتها الرباعية، انتظارا لوصول الأعداء واندلاع الحرب التي لا مهرب منها.
अज्ञात पृष्ठ