أن يكن أضحى مضيئا ... فله يوما كسوف
أو يكن هبّ نسيمًا ... فله يوما هيوف
لا يغرّنك سماحيي فمقتادي عنيف
ربّما انقاد جموح ... تارة ثم يصيف
فاحذري عزفة نفسي ... عنك فالنفس عزوف
أقصدت ضرغام غاب ... بين خيسيه غريف
ظبية يكنفها في ال ... ألمجيات الرفيف
ربّما أردى الجليد السّهم والرامي ضعيف
وعقار عتّقتها ... بعد أسلاف خلوف
كانت الجّن اصطفتها ... قبل والأرض رجوف
فهي معنى ليس يحتا ... ط به الوهم اللطيف
وهي في الجسم وساع ... وهي في الكأس قطوف
وهي ضدّ لظلام الليل والليل عكوف
يصرف الوامق عنها ... طرفه وهو نزيف
قد تعدّينا إليها النهّى والله رؤوف
ومقام ورده مستوبل ظنك مخوف
بكت الآجال لمّا ... ضحكت فيه الحتوف
خفضت فيه العوالي ... وعلت فيه السّيوف
قد تسربلت وعقبا ... ن الردى فيه تعيف
حين للأنفس في الرّو ... ع من الهول وجيف
أن بيتي في ذرى قحطان للبيت المنيف
ولي الجمجمة العلياء والعزّ الكثيف
ولي التالد في المجد قديما والطريف
كل مجد لم يسمّته اليمانون نحيف
السجوف: جمع سجف وهو الستر، يقال هو سجف وسجف، وقوله: تسرّى من قالك سروت ثوبي إذا ألقيته. والموهن: من أول الليل إلى ساعات منه، والنصف: الخمار، والليتان: صفحتا العنق، والشنوف جمع شنف، وهو ما علق في أعلى الأذن. والقذيف: البعيد، والحليف: الملازم، والشوب: الخلط. من قوله تعالى: (ثم أن لهم عليها لشوبا من حميم) والعيوف: الكاره للشيء، والقيل: الملك. ويقال: صاف عن الشيء إذا عدل عنه، وعزفت نفسي عن الشيء: إذا كرهته، والغاب: جمع غابة وهي الأجمة، وكذلك الخيس. والامجيّات: موضع. والرفيف: حركة الشيء وبريقه وصفاؤه. يقال: اسنان فلان ترف. والأسلاف جمع سلف. والخلوف: جمع خلف أو خالف. والخلف بفتح اللام يستعمل في الخير والشر، فأمّا الخلف بتسكين اللام فلا يكون إلا في الذمّ. والوساع: المسرعة. والقطف: مدراكة الخطو ومقاربته. والنزيف: السكران، والمستوفل: المكروه. والعوالي: جمع عالية وهي أعلى الرمح. وقوله: وعقبان الردى فيه تعيف، الردى: الهلاك، وتعيف: أي تدور حوله وتكره ورده.
حدثنا نفطويه قال حدثنا أبو يعقوب قال حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا شيبان عن قتادة م في قوله تعالى (والذين اتخذوا من دونه وليّا ما نعبدهم إلا ليقرَبونا إلى الله زلفى) قال: كانوا يقولون ما نعبد هذه الآلهة إلا ليشفعوا لنا عند الله.
قال أبو القاسم: في هذه الآية ضروب من السؤال على مذهب العربية.
منها أن يقال: أين خبر " الذين " مما تراه في سياق الكلام، ومنها أن يقال: أي لام هذه التي في يقرّبونا؟ ومنها أن يسأل عن موضع " زلفى " من الإعراب.
وتقدير الآية - والله أعلم - انه لما قال: (فاعبد الله مخلصا له الدين ...
الآية) الدين الخالص، فأخبر أن الدين هو ما أخلص لله تعالى. ابتدأه يخبر عن الكافرين موبّخا لهم. ومنبهّا على ضلالتهم، فقال: (والذين اتخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى) والذين مبتدأ وخبره يقولون فأضمر لما في الكلام عليه من الدليل، كما قال تعالى: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم) أي يقولون سلام. والسلام التي في قوله: " ليقربونا " لام كي تأويله لكي يقربونا وليست بلام الجحود وان كان قبلها ما، والفرق بين لام الجحود ولام كي إن لام الجود يجوز إسقاطها كقولك: " ما كان زيد ليخرج " فلو قلت " ما كان زيد يخرج " لكان كلاما كاملا ولام كي لا جوز إسقاطها. فلو قلت لأفي قولك: " قصدتك لتكرمني لمي قصدتك تكرمني لم يجز. وكذلك لا يجوز إسقاطها في هذه الآية. والزلفى: القربى وهو منصوب على المصدر لأن معنى يقربون ويزلفون سواء. والزلف: في قوله (وَزَلفا من اللّيل) جمع زلفة وهي ساعات يقرب بعضها من بعض، قال العجاج: الرجز
ناج طَوَاهُ الأَيْنُ مماّ وَجَفا ... طيّ الليالي زُلَفا فزَلفَا
1 / 68