سمَاوَةَ الهِلالِ حتى احْقَوْقفاَ
اخبرنا أبو بكر احمد بن الحسن بن العباس بن الفرج النحوي المعروف بابن شقير قال حدثنا احمد بن عبيد بن ناصح بن عصيدة عن شيوخه يرفعه إلى محمد بن إسحاق قال: كان عمرو بن الجموع بن زيد سيدا شريفا وكان قد اتخذ له صنما من خشب يقال له مناة يعبده في داره. وكان ابنه معاذ بن عمرو بايع النبي ﷺ وكان يريد أباه على الإسلام فيأبى. فلما اسلم معاذ بن جبل وجماعة من فتيان قومه كانوا يجتمعون مع معاذ بن عمرو فيأتون ليلا إلى صنم عمرو فيلوثونه بالقذارة ويلطخونه بالنجاسات فإذا أصبح عمرو يقول: ويلكم من عدا الليلة على الهي فلما كثر ذلك عليه قال: إني والله لا أعلم من تعرض لك ولو علمت ذلك لمنعت عنك، ثم غسله ونظفه وطيبه وعلّق عليه سيفا وقال له: امنع عن نفسك إن كان فيك خير. فلما كان الليل وافى ابنه ومعاذ وجماعة معهم فقرنوا به كلبا ميتا وألقوه مع السيف والكلب في بئر لبني سليم مملؤة عذرة. فلما اصبح عمرو جعل يطوف عليه فلما وقف عليه استبصر وأسلم وحسن إسلامه وأنشأ يقول: المتقارب
أتوب إلى الله مما مضى ... واستغفر الله من ناره
وأثني عليه بآلائه ... اله الحطيم وأستاره
فسبحانه عدد الخاطئين ... وقطر السحاب ومدراره
هداني وقد كنت في ظلمة ... حليف مناة وأحجاره
وأنقذني بعد شيب القذا ... ل من شين ذاك ومن عاره
وقد كدت أهلك في ظلمه ... فدارك ذاك بمقداره
فحمدا وشكرا له ما بقيتمقالة عار لإنذاره
أرجى بذلك إذ قلته ... مجاورة الله في داره
ثم التفت إلى صنمه وأنشأ يقول: الرجز
أفّ لمنواك إلها في الدرن ... الآن فتّشناك عن سوء الغبن
تالله لو كنت إلها لم تكن ... أنت وكسب وسط بئر في قرن
الحمد لله الهي ذي المنن ... الواهب الرازق ديّان الدّين
هو الذي أنقذني من قبل أن ... أصير في ظلمة قبر مرتهن
قال أبو القاسم: يقال اخطأ الرجل في فعله يخطئ اخطا فهو مخطئ. والخطئ في دينه يخطأ خطأ إذا أثم فهو خاطئ يا هذا. فقوله: عدد الخاطئين، يريد المذنبين. والعاني: الخاضع الذليل. ومنه قوله: (وعنت الوجوه) ومنه قيل للأسير عان. والدّرن: الوسخ. والقرن: الجبل يقرن فيه بعيران، وإيّاه أراد نفي شعره. والقرن: مصدر الأقرن من الرجال وهو الذي التقى طرفا حاجبيه والقرن: جبل منفرد. والقرن كالعقل مسكن الراء -: اختصم إلى شريح في جارية بها قرن مملوكة فقال: اقعدوها فان أصاب الأرض فهو عيب وإلاّ فليس بعيب.
اخبرنا عبد الله بن مالك قال اخبرنا أبو مسلم الحرّاني قال حدثت عن عبد الرحمن بن صالح عن يونس بن بكير عن مجالد عن الشعبي قال: دخلت على مصعب بن الزبير فقال لي: يا شعبي ارفع هذا الستر فرفعته فإذا عائشة بنت طلحة فقال: كيف ترى؟ فقلت: ما كنت أظنهّ أّن في أهل الأرض من يشبه هذه. تقال: أما إني ما تهنأت بالعيش معها ولا انتفعت به متى، لأني رجل مذكر أريد أن يكون الأمر لي، وهي مذكرة تريد أن يكون الأمر لها. فلا أنا أتابعها، ولا هي تتابعني.
أخبرنا أبو محمد الضرير قال اخبرنا أبو مسلم الحرّاني قال روى عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن أبيه قال: رأيت عائشة بنت طلحة متكةَّ، ولو أنيخت جزور ما رؤيت.
اخبرنا الأخفش ونفطويه عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الهبنقع والهبنقعة: المزهوّ الأحمق وهو الذي يجلس على أطراف أصابع رجليه، ويسأل الناس. والسخل: مزج الشراب. والسّخيل: الغلام الحديث يصادق رجلا. والخضيل بكسر الضاد: كل شيء لا يرشرش، ومنه قيل شواء خضل: إذا كان رطبا جيد الإنضاج. والخضل: بإسكان الضاد: اللؤلؤ واحدته خضلة، ويروى أن امرأة قدمت زوجها إلى الحجاج فقالت تزوجني على فضلة.
ويقال: أكمخ الرجل: إذا قعد متعظما، والكيخم: من أسماء العظمة والسلطان، والكامخ عند أقحاح الأعراب السلامح. ويروى أّن أعرابيا قحا دخل قرية فاستطعم فقدموا له خبزا وكامخا فجعل يلمحه مغيظا ظنه سلامحا فقال له بعضهم: انه كامخ: قد علمت انه كامخ فأيّكم كخّ به.
1 / 69