كلها ومعناه أسقطت ثمرها. قال أهل اللغة ويقال لذلك المتساقط النفض بفتح النون والفاء بمعنى المنفوض انتهى. ومن ذلك قوله (من رأي) وصوابه (من رأيي)، ومن ذلك قوله في الحديث الثالث والحديث الرابع (عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن أنس) وصوابه (حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وعن ثابت عن أنس) فهذان حديثان رواهما حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ﵂، وعن ثابت عن أنس ﵁ وقد جعلهما المؤلف حديثًا واحدًا فأخطأ في ذلك وغلط غلطًا فاحشًا أبان به عن غباوته وكثافة جهله.
والرواية التي ذكرها عن ابن رشد فيها نكارة شديدة ولم أرها في شيء من كتب الحديث، والأحرى أنها موضوعة، وفي آخر كلامه لفظتان لحن فيهما وهما (روايتين) و(مختلفتين) والصواب (روايتان) و(مختلفتان).
الوجه الثاني أن يقال إن الاختلاف في ألفاظ هذه الأحاديث لا يؤثر فيها لأن المعنى في الجميع واحد وهو أن النبي ﷺ أخبر الذين يلقحون النخل عن رأيه وظنه ولم يخبرهم عن وحي جاءه من الله تعالى. والعبرة بالمعنى لا بالألفاظ، وعلى هذا فتشكيك المؤلف في هذه الأحاديث الصحيحة من أجل اختلاف ألفاظها لا شك أنه من التشدق والتنطع، وكذلك قوله هل معنى ذلك أن النبي وأصحابه هم السبب إلى آخر كلامه فكل ذلك من التشدق والتنطع وإظهار العداوة للأحاديث الصحيحة ورواتها.
الوجه الثالث أن المؤلف تردد في توجيه الاتهام في سبب الاختلاف الواقع في ألفاظ الأحاديث التي تقدم ذكرها فبدأ بالنبي ﷺ وأصحابه. وما أعظم ذلك وأبشعه وأشنعه ولاسيما في حق النبي ﷺ. ثم وجه الاتهام إلى الرواة بأحد شيئين إما دس الكذب في الأحاديث التي تقدم ذكرها، وإما التغفيل بحيث يروج عليهم الكذب ويندس عليهم فيصدقونه ويروونه. وهذا قول سوء مردود على قائله ولا شك أن الرواة بريئون من جميع التهم التي وجهها إليهم المؤلف ظلما وزورًا.
الوجه الرابع أن يقال إن رواة الأحاديث الأربعة كلهم ثقات لا مطعن في أحدٍ منهم، فاتهام المؤلف لهم بأنهم قد دسوا في هذه الأحاديث أو اندس عليهم