فقال الرجل باهتمام جدي: لقد انتظرتك طويلا، وكنت على وشك أن أرسل في طلبك. فما رأيك؟
فتنهدت المرأة وقد غلبها سرور لا يوصف، وقد قالت فيما بعد: إنها ذهبت تبتاع حناء فعثرت على كنز. ثم نظرت إليه مبتسمة وقالت: يا سي السيد أنت رجل قد الدنيا، ومثلك في الرجال قليل، ويا حظ من تكون نصيبك، وأنا رهن إشارتك، فعندي البكر والثيب، والشابة والنصف، الغنية والفقيرة .. اختر ما تشاء.
وفتل السيد شاربيه الغليظين، واعتراه شيء من الارتباك قليلا، ثم مال نحوها، وقال بصوت منخفض، وعلى فمه ابتسامة: لا داعي للبحث والتعب، إن من أريد في بيتك أنت!
واتسعت عينا المرأة دهشة وتمتمت بلا وعي: في بيتي أنا؟!
فقال السيد وقد سرته دهشة المرأة: أجل في بيتك أنت دون سواك، ومن لحمك ودمك؛ أعني كريمتك حميدة.
ولم تصدق المرأة أذنيها، وتولاها الذهول. أجل كانت تعلم - عن طريق حميدة نفسها - أن السيد يتبعها أينما ذهبت عينين براقتين، ولكن الإعجاب شيء والزواج شيء آخر. فمن عسى أن يصدق أن السيد سليم علوان صاحب الوكالة يطلب يد حميدة؟! وقالت المرأة بصوت مضطرب: لسنا قد المقام يا سي السيد!
فقال الرجل برقة: إنك سيدة طيبة، وقد أعجبتني كريمتك وكفى .. ألا يكون الناس أهلا للخير إلا إذا كانوا أغنياء؟! وما حاجتي للمال وعندي منه ما فوق الكفاية؟!
وأصغت إليه والدهشة لا تفارقها، ثم ذكرت فجأة أمرا غاب عنها حتى هذه اللحظة .. ذكرت أن حميدة مخطوبة، وقد ندت عنها «آهة» كالمنزعجة، حملت السيد على أن يسألها قائلا: ما لك؟
فقالت المرأة باضطراب: رباه، نسيت يا سي السيد أن أقول لك إن حميدة مخطوبة! خطبها عباس الحلو قبل سفره إلى التل الكبير.
فانكفأ وجه الرجل، واصفر وجهه غضبا، وقال بحدة وكأنه ينطق باسم حشرة قذرة: عباس الحلو!
Shafi da ba'a sani ba