فقالت المرأة بعجلة ولهوجة: رباه، لقد قرأنا الفاتحة!
فقطب السيد سليم قائلا في غضب وازدراء: ذاك الحلاق الشحاذ؟
فقالت أم حميدة كالمعتذرة: قال إنه سيشتغل في الجيش ليجمع ثروة، وسافر بعد أن قرأنا الفاتحة.
وازداد غضب السيد لانزلاقه بغتة - مع الحلو - إلى مضمار واحد، وقال بحدة: أيحسب هذا الأحمق أن الجيش نعيم يدوم! ولكني أعجب لما جعلك تذكرين هذه «الحكاية»!
فقالت المرأة معتذرة: لقد ذكرتها فجأة، هذا كل ما في الأمر. ما كنا نحلم بهذا الشرف الرفيع، ولذلك لم يكن لدي حيلة في رفض يده! لا تؤاخذني يا سي السيد، إن مثلك إذا طلب أمر .. ما كنا نحلم بهذا الشرف الرفيع، فلا تؤاخذني .. سأذهب الآن وأعود إليك في الحال: لا تغضب علي، لماذا غضبت هكذا؟
وبسط السيد وجهه، وذكر أنه غضب حقا أكثر مما ينبغي، كأنما الحلو هو المعتدي لا المعتدى عليه، ولكنه قال: ألا يحق لي أن أغضب؟
ثم توقف بغتة كأنه تذكر أمرا اربد له وجهه وسألها منزعجا: وهل وافقت الفتاة؟ أعني هل تريده؟
فقالت المرأة بسرعة: لا شأن لابنتي بهذا الأمر! وما حدث لا يعدو أن جاءني الحلو يوما مصحوبا بعم كامل ثم قرأنا الفاتحة.
فقال السيد: غريب والله أمر هؤلاء الشبان! لا يكاد يجد الواحد منهم لقمته، ولكنه لا يجد بأسا من أن يتزوج ويخلف ويزحم الحارة أولادا يلتقطون رزقهم من الزبالة .. لننس هذه الحكاية. - نعم الرأي يا سي السيد .. سأذهب الآن، وسأعود دون إبطاء، وربنا المستعان.
ونهضت المرأة واقفة، وانحنت على يده مسلمة، ثم تناولت لفافة الحناء، وكان العامل قد وضعها على المكتب، ومضت إلى حال سبيلها.
Shafi da ba'a sani ba