الجنس ، فإن الأجناس تتنوع بزيادات يختلف فيها أبعاضها ، فتكون الآية تقسيما للقسم الثاني.
واختصاص الإيمان بالله وباليوم الآخر بالذكر تخصيص لما هو المقصود الأعظم من الإيمان ، وادعاء منهم كذبا بأنهم احتازوا الإيمان من المبدأ والمعاد ، وأحاطوا بأوله وآخره ، وكشف عن إفراطهم في الخبث وتماديهم في الغي والفساد ، لأنهم كانوا يهودا وإيمان اليهود بالله ليس بإيمان ، لقولهم : ( عزير ابن الله ) (1) وكذلك إيمانهم باليوم الآخر ، لأنهم يعتقدون أن الجنة لا يدخلها غيرهم ، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة ، وغيرها ، ويرون المؤمنين أنهم آمنوا بمثل إيمانهم ، فكان قولهم : ( آمنا بالله وباليوم الآخر ) خبثا مضاعفا وكفرا ذا وجهين ، لأن قولهم هذا لو صدر عنهم لا على وجه النفاق فهو كفر لا إيمان ، فإذا قالوه على وجه النفاق ، خديعة للمؤمنين واستهزاء بهم ، وأروهم أنهم مثلهم في الإيمان الحقيقي ، كان خبثا إلى خبث ، وكفرا إلى كفر.
وفي تكرير الباء ادعاء الإيمان منهم بكل واحد على الأصالة والاستحكام ، والقول هو التلفظ بما يفيد ، ويقال بمعنى المقول ، وللمعنى المتصور في النفس المعبر عنه باللفظ ، وللرأي والمذهب مجازا.
والمراد باليوم الآخر من وقت الحشر إلى ما لا ينتهي ، أو إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، لأنه آخر الأوقات المحدودة التي لا حد للوقت بعده.
ثم أنكر سبحانه ما ادعوه ونفى ما انتحلوا إثباته ، فقال : ( وما هم بمؤمنين ). وكان أصله : وما آمنوا ، ليطابق قولهم في التصريح بشأن الفعل دون الفاعل ، لكنه عكس تأكيدا ومبالغة في التكذيب ، لأن إخراج ذواتهم من عداد المؤمنين أبلغ من نفي الإيمان عنهم في ماضي الزمان ، ولذلك أكد النفي بالباء.
Shafi 59