هو أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر. حينما تولى الخلافة ضبط أبو الحسين أحمد بن بويه كل أعماله، وأمر فأقاموا جسرا على دجلة، وأصلح الضياع التى تخربت من قبل، وأظهر الخير فى أمور الرعية، ورفع نظام السجون والتعذيب، وقضى على العادات السيئة التى استنها الأتراك، ووضع على الحسن بن أبى الهيجاء- الذى كان رئيسا للترك وكان مقيما بالموصل وأتى أيضا هذه الأعمال- وضع عليه جباية وافرة كان يرسلها كل شهر إلى الخزينة، وقد لقبوا على بن بويه بعماد الدولة وأبا الحسين بمعز الدولة وحسنا بركن الدولة.
وقد أرسل (المطيع) عهد ولاية خراسان إلى نوح بن نصر، وفى عهده ظهر متنبئ فى قرية بصاغنيان يقال لها: درآهنين 67 اسمه المهدى ادعى النبوة وجهر بها فالتف حوله كثير من الناس، وكان له سيف به حمائل، وكان يحارب مخالفيه، وقتل كثيرا من الناس الذين أعرضوا عنه ولم يعتنقوا مذهبه، وكان المهدى هذا رب حيل وخدع، من ذلك أنه كان يضع قبضة يده فى حوض به ماء ويخرجها مملوءة بالدنانير، وكان يضع على خوانه الطعام القليل فيأكله قوم كثيرون ويشبعون، وكان يملأ قلة بالماء فيشرب منها الناس وتظل مملوءة.
وحينما ذاع خبره قصده الناس والتف حوله كثير من عامتهم، وعند ما وصل خبره إلى الأمير حميد أرسل رسالة إلى أبى على أحمد بن محمد المظفر فقبض عليه فى واشگرد 68، وقطع رأسه وأرسلها إلى بخارى، ووضعوا تلك الرأس على حربة وأروها للناس الذين كانوا قد التفوا حوله.
وفى عهد المطيع وصلت رسالة من أبى سعيد بن ملك 69 إلى بغداد، وفيها أنه كان يعطى كل عام من ولاية الرى مائتى ألف دينار والهدايا الأخرى كالرسم الذى كان متبعا، فيجب ألا يزاحموا وشمگير فى أمر طبرستان، فأمر المطيع أن يكتبوا جواب رسالة أبى سعيد بن ملك كما يحب ويرغب، وحقق لهم ما التمسوه، واستمر وصول الهدايا والتحف إلى الخليفة، وتوقف سيل الدماء وسكنت العداوات، واستقامت أمور العراق وخراسان وكتب المطيع رسالة: إنا جعلنا المائتى ألف دينار منحة وعطاء لحشم خراسان، كل عام من الرى وكور الجبال، وكان هذا آخر عام أربع وأربعين وثلاثمائة، وبعد أن انتظمت أمور الملك خلع المطيع نفسه من الخلافة وأجلس ابنه الطائع مكانه.
Shafi 145