وأما المكروه فهو ما لتركه مدخل في استحقاق المدح والثواب، وليس لفعله مدخل في استحقاق المدح والثواب، وليس لفعله مدخل في استحقاق الذم والعقاب، ومثاله كالإستنجاء باليمين، والأكل في الشمال، وهذا مثاله في الشرع، ومثاله في العقل كترك مكارم الأخلاق، وأما حصرها فتحصيله أن الفعل لا يخلو إما أن يكون صفة زائدة على حدوثه وصفة حسنه، إن لم يكن فهو الفعل اليسير الذي لا تعتد به في جلب نفع أو دفع ذرر، كانخفاض الرمل وارتفاعه عند المشي عليه، وإن كان له صفة زائدة على حدوثه فلا يخلو إما أن يكون للقادر عليه المتمكن من الاحتراز منه فعله أم لا، إن لم يكن له ذلك فهو القبيح، وإن كان له فعله فلا يخلو إما أن يستحق بالإخلال به المدح أم لا، إن استحق فهو المكروه، وإن لم يستحق بالإخلال به المدح فلا يخلو إما أن يستحق بفعله المدح أم لا، إن استحق فهو المندوب، وإن لم يستحق بفعله ولا بتركه مدحا ولا ذما فهو المباح.
وأما الموضع الثاني: وهو في الواجبات على الله تعالى فالكلام منه يقع في ثلاثة مواضع:
أحدها: في تعدادها، وتعيناتها.
والثاني: في حقائقها، وأمثلتها.
والثالث: في الدليل على وجوبها عليه تعالى.
أما الموضع الأول فتعدادها ستة، ومن العلماء من جعلها ثمانية، وأما تعيناتها[31ب] فهي التمكين للمكلفين، والبيان للمخاطبين، واللطف للمتعبدين، والعوض للمؤلمين، وقبول توبة التائبين، والثواب للمطيعين، وبعثة المستحقين، والانتصاف للمظلومين من الظالمين، ولم يذكر الشيخ الانتصاف ولا البعثة؛ لأن الانتصاف قد دخل تحت العوض، والبعثة قد دخلت تحت الثواب، والعوض ومن أفردهما بالذكر جعلها ثمانية.
Shafi 53