وأما الرسمي فله حدان: أحدهما:[30ب] هو أن تقول هو ما إذا فعله القادر عليه استحق الذم على بعض الوجوه، وإن شئت قلت: هو ما للإقدام عليه مدخل في استحقاق الذم على بعض الوجوه، وقولنا على بعض الوجوه الخلاف فيه ما تقدم.
ومثال القبيح العقلي: هو الظلم، والكذب، ومثال القبيح الشرعي كشرب الخمر، والزنا.
قلنا: بالإقدام عليه فدخل احترازا مما ليس للإقدام عليه مدخل في استحقاق الذم كسائر الأفعال، والمدخل هو التأثير، وقلنا على بعض الوجوه احترازا من وجوه أربعة:
أحدها: صغائر الأشياء.
وثانيها: الساهي والنائم؛ فإنهما لا يستحقان للذم على ما وقع منهما في حال السهو والنوم.
وثالثها: الصبيان، والمجانين، فإنهم لا يستحقون ذما على فعل القبيح.
ورابعها: من أكره على الإفطار في رمضان، أو على شرب الخمر، وإنما قلنا إن الحد الأول حقيقي؛ لأنه تحديد له بأوصافه الراجعة إليه، والثاني رسمي؛ لأنه تحديد له لحكمة التابع للإقدام عليه.
وأما الحسن فهو يستعمل على وجهين:
أحدهما: نقيض القبيح وهو ماذكرنا، ويدخل فيه الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه.
وأما حقيقة الحسن العام فهو: ما حصل فيه عرض وتعرى عن وجوه القبح، وحقيقة الحسن الخاص هو: ما ترجح فعله على تركه.
وأما حقيقة المندوب فهو ما عرف فاعله حسنه، وأن لفعله مدخل في استحقاق المدح والثواب، وليس لتركه مدخل في استحقاق الذم والعقاب، أو كان له صفة زائدة على حسنه، وليس لتركه مدخل في استحقاق الذم والعقاب، وله مثالان: عقلي، وشرعي.
فالعقلي: كبيع الغير، والشرعي: كنوافل الصلاة، وسائر النوافل الراتبة من العبادات.
وأما المباح: فهو ما عرف فاعله [31أ] حسنه على الإطلاق ..... ممن يترك المباح من هذا فإنه يستحب له ذلك، وأن ليس لفعله ولا تركه مدخل في استحقاق مدح ولا ذم، ولا ثواب ولا عقاب، ومثاله في العقل كالسير في مناكب الأرض، ومثاله في الشرع ذبح البهائم.
Shafi 52