أما قسمته بحسبه في نفسه فهو ينقسم إلى قسمين: مخير ومعين.
فالمخير: ما يقوم غيره مما يخالفه في الصور مقامه.
قال أبو الحسن: هو ما جمع شروط ثلاثة:
أحدها: أنه لا يجوز الإخلال بهما.
وثانيها: أنه لا يجب فعلها أجمع.
وثالثها: أن أي واحد منها فعل المكلف إحداه وله مثالان عقلي وشرعي:
أما مثاله في العقل: فمثل شرب الدواء الكريه، والفصد، والحجامة، والكي بالنار، فإنه إذا علم أن العلة تزول ببعض هذه فإنه مخير بينها.
وأما أمثاله في الشرع: فكالكفارات الثلاث بأن عند أهل البيت (عليهم السلام)
أنها واجبة على التحييز؛ بمعنى أنه لا يجوز الإخلال بها أجمع، ولا يجب عليه الإتيان بها أجمع، وأي واحدة أتى بها أجزته.
قال بعض الفقهاء: إن الواجب منها واحد لا يعينه معلوم لله تعالى، غير معلوم لنا، وقال بعضهم: إن الواجب منها ما علم الله أنه يفعله وإبطال القول الأول من وجهين:
أحدهما: أنا نقول أن هذا التكليف ما لا يعلم [29ب] فيكلف ما لا يعلم قبح.
والثاني: أنه كان يلزمهم أن الواحد إذا أتى بواحدة منها غير ما علم الله تعالى أنه لا يجزيه. وإبطال القول الثاني من وجهين أيضا:
أحدهما: أنه كان يلزم فيمن علم الله تعالى أنه يفعلها كلها أن يجب عليه، والمعلوم خلافه.
والثاني: أنه كان يلزم فيمن علم الله تعالى أنه يموت ولا يكفر بشيء ألا يجب عليه شيء، والمعلوم خلاف ذلك.
وأما المعين: فهو الذي لا يقوم مخالفه في الصورة مقامه، وله مثالان: عقلي وشرعي.
أما مثاله في العقل فمثل قضاء الدين ورد الوديعة فإنه لا يقوم مخالفه في الصورة مقامه.
وأما مثاله في الشرع فمثل الصلاة، والحج، والصوم، فإنه لا يقوم مخالفه في الصورة مقامه.
وأما قسمته بحسب وقته، فهو ينقسم إلى قسمين: موسع، ومضيق.
أما الموسع: فهو الواجب الذي يجوز تأخيره عن أول وقت وجوبه، وله مثالان :عقلي وشرعي.
أما مثاله في العقل فمثل قضاء الدين قبل المطالبة.
Shafi 49