وقلنا: يصح اتخاذ أحدهما[28ب] بدلا عن الآخر احترازا عما لا يصح وجوده بدلا عن صاحبه نحو الكون في الجهة الأولى، والكون في الجهة العاشرة، فإنه لا يقال فيهما ترك ومتروك؛ لأنه لا يصح وجود أحدهما بدلا عن الآخر لاستحالة الظفر، وقلنا: من القادر بقدره احتراز من القديم فإنه قادر لذاته فلا يتصور ذلك منه، وقلنا: هو ما للإخلال به مدخل، والمدخل هو التأثير، وهذا ظهور حكم أو صفة، ومعناه أن إخلاله بالواجب أثر في استحقاقه للذم، ومعناه هذا أنه من أخل بالواجب حسن ذمه.
وقلنا: حسن ولم نقل وجب؛ لأن الذم حق للذام واستيفاء الحق لا يجب بخلاف المدح، فإنه حق للمدوح، وإبقاء الغير حقه واجب، وتصير بمثابة درهمين درهم لك ودرهم عليك، فالدرهم الذي لك يحسن منك أخذه والعفو عنه، بل العفو عنه أفضل، والدرهم الذي عليك يجب رده لا محالة.
قال الشيخ: وقلنا على بعض الوجوه احتراز من الواجبات المجبرة كالكفارات الثلاث، فإن من وجت عليه فإنا تواجده منها فإنه لا يستحق الذم على ترك الآخرين، فلولا وجوب الواجب لما حسن ذم تاركه على وجه من الوجوه؛ لأن العقلا لا يذمون أحدا على ترك فعل إلا وذلك الفعل واجب.
وأما أسماء الواجب فهي خمسة:
حتم، وفرض، ولازم، ولازب، وواجب، ومعناها واحد عندنا خلافا للحنفية فإنهم يقولون الغرض الحاتم ما دل عليه دليل قطعي، والواجب ما كان دليله ظنيا، وسمي واجبا؛ لأن الوجوب في اللغة هو السقوط، والواجب هو الساقط فلما[28ب] سقطت رتبة الظني عن القطعي والخطب عنها خصوه باسم الواجب، والغرض في أصل اللغة هو التقدير، والمفروض هو المقدر، ومنه قوله تعالى:{سورة أنزلناها وفرضناها}، أي قدرناها وما وجب بدليل قطعي فهو مقدر من جهة الله، فلهذا خص باسم الفرض.
وأما الموضع الثالث: وهو في قسمة الواجب فهي أربع قسم:
قسم لحسنه في نفسه، وقسمة بحسب وقته، وقسمة بحسب طريقه، وقسمة بحسب من وجب عليه.
Shafi 48