فذكر الفقيه حميد ومن قال بقوله من المتأخرين: إنه لا بد منه، وقال غيرهم: إنه لا يحتاج إليه؛ لأن المراد بذلك مدخل فلا يحتاج إلى هذا الاحتراز، لأن قوله ما له مدخل كافي.
قال الشيخ (رضي الله عنه): الإخلال هو ترك الفعل، يقال: أخل فلان بالصلاة أي تركها، ويقال: ترك ومتروك، والترك له حدان: لغوي واصطلاحي.
أما في اللغة: فقال الشيخ هو الامتناع من الفعل مع القدرة عليه، وقد اعترض هذا بأن قيل هذا تكرار؛ لأنه قوله الامتناع يبنى على أنه قادر عليه؛ لأنه لا يقال في العاجز أنه يتمنع من الفعل، فالصحيح أن يقال هو أن لا تفعل الفعل مع القدرة عليه وزوال الموانع.
وأما في الاصطلاح: فهو يستعمل عندهم في مقابلة المتروك، يقال: ترك ومتروك وحدهما أن يقال هما مقدوران ضدان مبتدآن يصح وجود أحدهما بدلا عن الآخر من القادر بقدر.
قلنا: مقدوران احتراز عما ليس مقدور، وقلنا: ضدان احتراز من المثالين أو المختلفين فالخلاف كالسوادين المختلفين كالسواد والحموضة فإنه لا يقال في المختلفين والمثلين ترك ومتروك، لأنهما إنما يستعملان فيما لا يصح اجتماعه، وإنما يفعل أحدهما ويترك الآخر لاستحالة الاجتماع.
قلنا: مبتدان احتراز بأن يكونا متولدين جميعا، ويكون أحدهما متوالد والآخر مبتدا، فإن ما هذا حاله لا ترك ولا متروك؛ لأن من حق الترك والمتروك أن يصح من القادر أن يوجد كل واحد منهما بدلا عن صاحبه، وهذا لا يصح إلا في مبتدان؛ لأن المتولدين قد خرج عن أن يقعا على اختياره بوجود سببهما كالإصابة عقب الرمي، وكذلك إذا كان أحدهما متوالد فقد صار واجب الوجود بوجود سببه، والمتولد مثل السهم عند الإصابة؛ فإنه قد خرج عن مقدوره فلا اختيار له فيه.
Shafi 47