وأما ما يصح أن يحد فهو على ضربين: منه ما يحتاج إلى تحديد، ومنه ما لا يحتاج إلى تحديد، فالذي لا يحتاج إلى تحديد كالمشاهدات مثل السماء والأرض، وغيرهما من الموجودات، والذي يحتاج إلى تحديد كل لفظه أفادت معنا خفيا، وأما ما يصح التحديد به وما لا يصح فاعلم أن الأشياء على ثلاثة أضرب: منها ما لا يصح أن يحد به بكل حال وهي أسماء الأعلام مثل زيد وعمرو، فإنها لا تقيد، ومنها ما يصح أن يحد به بكل حال وهي كل لفظة كشفت عن معنى المحدود بحقيقتها المفردة، ومنها ما يصح أن يحد به في حال دون حال وهي اللفظة المشتركة والمجاز فإنها متى أقترنت بها القرينة أفادت، مثل السكون فإنها تكون حقيقة في الكون المضاد للحركة، مجاز[25أ] في سكون النفس من الشك والإرتياب فصح تحديد العلم به مع كونه مجازا لما قيدناه بالنفس فيخرج بذلك السكون الذي هو ضد الحركة، وكذلك يصح التحديد باللفظة المشتركة إذا قرنت بقرينة تميز المقصود، وإذ قد فرغنا من المقدمة فنتكلم في المعاني ونبدأ بما بدأ به الشيخ (رحمه الله) وهو الواجب، وهو الفصل الأول. تمت.
فإذا أردنا أن نتكلم فيه تكلمنا في ثلاثة مواضع:
أحدها: في حقيقة الاستحقاق وقسمته، وحقيقة المدح والتعظيم، والذم والاستحقاق.
والثاني: في حقيقة الواجب وقسمته، وذكر الاحترازات فيها.
والثالث: في قسمة الواجب.
أما الموضع الأول وهو في حقيقة الاستحقاق، وحقيقة المدح، والتعظيم والذم والاستحقاق فحقيقة الاستحقاق هو حسن أمر أو وجوبه لأجل أمر متقدم على وجه لولاه لما حسن أو لما وجب.
قلنا: حسن أمر مثل ذم العصاة.
قلنا: ووجوبه كمدح المؤمن، وقلنا: لأجل أمر متقدم وهو فعل الطاعة من المؤمنين، أو فعل المعصية من المجرمين، وقلنا على وجه لولاه لما حسن أو لما وجب يعني لولا فعل الطاعة لما وجب مدح المؤمنين، فلولا فعل المعصية لما حسن ذم العصاة.
Shafi 43