وأما قسمته: فهو ينقسم إلى خمسة أقسام: استحقاق بمعنى الحسن [25ب] مثل استحقاق العصاة للعقاب والذم، فإنه يحسن ولا يجب، واستحقاق بمعنى الوجوب، مثل استحقاق أهل الطاعة للثواب والمدح، فإنه يجب على الله تعالى إثابتهم، واستحقاق بمعنى الملك مثل قولك زيد يستحق الدار، أي يملكها، واستحقاق بمعنى الأهلية والصلاحية، مثل قولك فلان يستحق الإمامة أي هو لها أهل، ويصلح لها، واستحقاق بمعنى الثبوت مثل قولك البارئ يستحق الصفات -أي هي ثابتة له- وحقيقة المدح هو كل قول شيء عن ارتفاع حال المذكور؛ لأنه أعم من قولنا الخبر؛ لأنه قد يمدح نفسه.
وقلنا: مع القصد إلى تعظيمه قلنا هو كل خبر؛ لأن المدح لا يكون إلا بالخبر، وقلنا شيء عن ارتفاع حال المذكور احتراز من القول الذي شيء عن ايضاعه، وقلنا: المذكور لأنه أعم من قولنا الغير؛ لأنه قد يمدح نفسه، وقلنا مع القصد إلى تعظيمه احتراز من القصد إلى الحكاية والتعريف، فالحكاية مثل قوله تعالى حاكيا عن فرعون {أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي} فلم يرد الله تعظيم فرعون، وإنما حكى كلامه؛ فلهذا لم يكن مدحا، والتعريف مثل قوله تعالى:{وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه} فلم يرد الله تعالى مدح قارون، وإنما عرفنا بحاله.
والفرق بين الحكاية والتعريف: أن الحكاية تكون للقول، والتعريف لا يكون إلا للفصل والحال، وأما حقيقة التعظيم فهو كل قول أو فعل أو ترك يبنى عن ارتفاع حال من وجه الله مع القصد [26أ] إلى الرفع منه.
قلنا: كل قول أو فعل كالقيام في وجهه أو ترك كترك الاستحقاق به، وقلنا نثني عن ارتفاع احتراز من أن يبنى عن انصياع، وقلنا حال من وجه إليه، ولم يقل المذكور؛ لأنه قد يكون لغير القول كالفعل والترك، وقلنا مع القصد إلى الرفع منه احتراز من القصد إلى الوضع منه.
Shafi 44