الثانية: أن لا يتسق بأخذ اللفظين ويبق بالآخر، مثل قولك حقيقة الجسم هو الطويل العريض العمق، فهذه الحقيقة صحيحة لما لم يجز أن يثبت بأحد اللفظين ويبقى بالآخر، فيقول هذا طويل عريض عميق فليس بجسم أو هو جسم وليس بطويل ولا عريض ولا عميق، بل يكون ذلك مناقضة، وهذا أمارة مطابقة الحد للمحدود، فقال في الجلوس والقعود لما كان مطابقين لم يثبت بأحدهما وينفى بالآخر، وقد يعترض على هاتين الطريقتين بأن يقال قد رأينا ما يطرد وينعكس ولا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينفى بالآخر، وليس بحد مثل أن يقول القائل: حقيقة الجسم هوما علم الله تعالى أنه جسم فهو جسم، فهذه الحقيقة مطردة منعكسة وهي فاسدة بالإجماع، وبيان طردها أنك تقول: كل جسم فقد علم الله أنه جسم، وبيان عكسها كلما علم الله أنه جسم فهو جسم، وكذلك هذه الحقيقة لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينفى بالآخر، فلا يجوز أن تقول هذا جسم وما علم الله أنه جسم أو علم الله أنه جسم وليس بجسم بل يكون ذلك مناقضة.
الثالثة: أن تسبق معنى المحدود إلى فهم سامع الحد إذا كان من أهل ذلك الفن، وقد يعترض عليه بأن يقال فقد سبق إلى فهم السامع ما هو خطأ[24ب] والأولى أن نعتبر الحقيقة بحقيقة الحقيقة، وتكون طريقة رابعة، فإن كان لفظيا جليا يكشف عن معنى لفظ خفي على وجه المطابقة فهو صحيح، وإن لم يكن كذلك فهو فاسد، والفرق بين الطرق والشروط أن الشروط لا تكمل الحد إلا باجتماعها بخلاف الطرق فإنها حصل كشف عن صحة المحدود وعن اجتماع شروط الصحة فيه.
وأما الموضع الخامس: وهو فيما يصح أن يحد وما لا يصح وما يصح التحديد به وما لا يصح.
أما الذي لا يصح أن يحد: فهو أسماء الألقاب.
Shafi 42