وقلنا: على وجه المطابقة احتراز من أن لا يطابقه، فإنه لا يكون حدا، كما لو قال ما حقيقة الجسم، فيقال: الطويل، والعريض، والعميق الأسود، فإن هذا قد حصل فيه حقيقة الجسم، لكنه غير مطابق بخروج ما ليس بأسود، وهذا الحد معترض ووجه اعتراضه أن يقال: إنكم قسمتم الحد إلى لفظي ومعنوي، وهذا الحد لا يجمعهما، وإنما يدخل فيه المعنوي فقط، لأنكم قلتم كل لفظي جلي يكشف عن معنى لفظ خفي، واللفظ لا يكشف عن معنى دائما يكشف عن اللفظ فقط لأنه تفسير لفظ خفي، واللفظ لا يكشف عن معنى، وإنما يكشف عن اللفظ فقط لأنه تفسير لفظ بلفظ.
وأما أسماؤهما: فيقال: حد، وحقيقة، ومعنا، وماهي وما فيه، فسمي حد الشبهة باللغة لأنه يمنع، وحقيقة لأنه يكشف عن ذات الشيء، ومعناه لأنه يكشف عن معناه، وماهيته لأنه يسأل عنه بما هو، وما فيه لأنه يسأل عنه بأي شيء هو.
وأما الموضع الثاني وهو قسمة الحد: وحقائق أقسامه وأمثاله، والفرق بينهما، وهو ينقسم إلى قسمين: لفظي، ومعوي، والمعنوي ينقسم إلى قمسين: حقيقي، ورسمي، والحقيقي ينقسم إلى قسمين: ذاتي، وما يجري مجرى الذاتي.
فحقيقة اللفظي: هو كشف لفظة بلفظة أجلى منهما على سبيل المطابقة، مثل قول القائل ما الليث؟ فيقول: الأسد. أو ما الذابل؟ فيقول: الرمح. [21ب] أو ما العقارة؟ فيقول: الخمر. أو ما الهندي؟ فيقول: السيف.
أما المعنوي: فهو كل لفظ مركب يكشف عن معنا لفظ مفرد على وجه المطابقة.
قلنا: كل لفظ مثل قول القائل: ما الليث؟ فيقول: السبع الشجاع، العريض الأعالي. أو مثل قوله: ما الخمر؟ فيقول: الشراب المعتصر من العنب المسكر كثيره.
فقوله الشراب جنس الحد يتناول جميع المشروبات، وقوله المعتصر فضله عما ليس بمعصر. وقوله من العنب احتراز مما أعتصر من غير العنب من الأشربة، وقوله المسكر: احتراز مما أعتصر من العنب، وليس بمسكر كالخل والزبيب.
وقلنا كثيرة: ليدخل القليل من الخمر لأنه خمر سواء قل أو كثر.
Shafi 37