192

أرجلهم انضاء عبادة. قد نظر الله اليهم في جوف الليل منحنية أصلابهم على اجزاء القرآن كلما مر أحدهم بآية من ذكر الله بكى شوقا وكلما مر بآية من ذكر الله شهق خوفا. كان زفير جهنم بين اذنيه. قد أكلت الأرض جباههم وركبهم ووصلوا كلال الليل بكلال النهار مصفرة ألوانهم ناحلة أجسامهم من طول القيام وكثرة الصيتم. انضاء عبادة موفون بعهد الله منتجزون لوعد الله. قد شروا انفسهم حتى اذا التقت الكتيبتان وأبرقت سيوفهما وفوقت سهامهما وأشرعت رماحهما تلقوا شبا الأسنة وشائك السهام وظباة السيوف بنحورهم ووجوههم وصدورهم. فمض الشاب منهم حتى اختلفت رجلاه على عنق فرسه واختضبت محاسن وجهه بالدماء وعفر جبينه بالثرى والنحطت عليه الطير من السماء. وتمزقه سباع الارض. فكم من عين في منقار طائر طالما بكى بها صاحبها في جوف الليل من خوف الله. وكم من وجه رقيق وجبين عتيق قد فلق بعمد الحديد ثم بكى وقال : آه آه على فراق الاخوان. رحمة الله على تلك الأبدان وأدخل الله ارواحهم الجنان.

اقول : لو أمعنا النظر الى هذه الخطبة لراينا أبا حمزة صدق في أولها بكلامه عن بني امية حيث تطرق الى شنايعهم وهذا شيء لا ينكر وكتب المسلمين طافحة بأكثر مما قال : ولكنه كذب ودلس في فقراتها الأخيرة حيث انتحل أكثر كلامه من خطب الإمام علي (ع) المثبتة في

Shafi 199