* بسم الله الرحمن الرحيم
نحمدك اللهم. فاطر الخليقة. اذ هديتنا إلى السراط السوى فسلكناه ، وبصرتنا نهج الصواب فاتبعناه ، ولم نكن من الضالين ، الخارجين عن جدد الهداية ، والمحجة الواضحة ، فأجبنا اللهم داعيك واهتدينا بهدى كتابك المنزل على رسولك سيد الرسل محمد مصطفى صلى الله عليه وآله الذين طهرتهم من الرجس فقلت عز اسمك وعظمت آلاؤك ، ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ).
Shafi 4
* بسم الله الرحمن الرحيم
( ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ) (1).
( فاما نذهبن بك فانا منهم منتقمون أو نرينك الذي وعدناهم فانا عليهم مقتدرون ) (2).
( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيىء الى امر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين ) (3).
( صدق الله العلي العظيم )
Shafi 5
* « الاحاديث والخوارج »
ذكر علي بن عيسى الاربلي. في كتابه كشف الغمة. قال البغوي في شرح السنة عن ابن مسعود. قال خرج رسول الله (ص) فأتى منزل أم سلمة فجاءه علي (عليه السلام ) فقال رسول الله (ص) يا أم سلمة هذا والله قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين والمارقين من بعدي.
وذكر الخوارزمي. في « الفائق » في باب قال. وقال : يعني النبي (ص) في ذكر بيان معجزاته ». قال. وقال : يعني النبي (ص) لعلي ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. فقاتل (ع) طلحة والزبير. بعدما نكثا بيعته ، وقاتل معاوية وأشياعه. وهم القاسطون أي الظالمون وقاتل الخوارج وهم المارقون ، هذا لفظ الخوارزمي.
وذكر الخوارزمي أيضا في « الفائق » من قصة ذي الثدية. الذي قتل مع الخوارج ، وقد رواها ( الحميدي ) في الحديث الرابع من المتفق عليه. من مسند ابي سعيد
Shafi 7
الخدري. في حديث. ذي الثدية وأصحابه الذين قتلهم علي بن أبي طالب (ع) بالنهروان. قال. قال رسول الله (ص) تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق ، قال أبو سعيد الخدري. فاني أشهد اني سمعت هذا من رسول الله (ص) وأشهد أن علي بن ابي طالب (ع) قاتلهم وأنا معه. وأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فاتى به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله (ص) الذي نعت.
وعن أبي ذر الغفاري ، بحذف سنده. قال. كنت مع رسول الله (ص) وهو في بقيع الغرقد (1) فقال والذي نفسي بيده ان فيكم رجلا. يقاتل الناس على تأويل القرآن. كما قاتلت المشركين على تنزيله. وهم في ذلك يشهدون ان لا إله إلا الله وما يؤمن اكثرهم بالله. الا وهم مشركون. فيكبر قتلهم على الناس. حتى يطعنوا على ولي الله. ويسخطوا عمله كما سخط موسى بن عمران خرق السفينة. وقتل الغلام. واقامة الجدار. وكان خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار لله رضا وسخط موسى.
وفي صحيح الترمذي. ان النبي (ص) قال يوم
Shafi 8
الحديبية لسهل بن عمرو. وقد سأله رد جماعته. فروى ان النبي (ص) قال يا معشر قريش لتنتهوا او ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم على الدين امتحن الله قلبه بالإيمان فقالوا من هو يا رسول الله (ص)؟ قال : هو خاصف النعل ، وكان اعطى عليا يخصفها حينذاك.
Shafi 9
* (بذرة الخوارج)
عندما قتل عثمان (رض) بايع المسلمون عليا (ع) وهدأت القلاقل بالمدينة. وهناك ظن الناس ان الفتن اطفأت نائرتها ورجع الحق إلى أهله. باسناد الخلافة الى « علي (ع).
علي (ع) الذي عرف بصلابة ايمانه وقوة جنانه.
علي (ع) الذي لا تأخذه في الله لومة لائم.
اول الناس إسلاما وتصديقا بابن عمه رسول الله (ص) آمن بالله وصدق رسوله والناس عكف على أربابها. اللات والعزى وهبل يعبدونها.
فكان علي (ع) يحامي عن رسول الله (ص) وينصره في مواقفه كلها حتى دانت قريش الطاغية لكلمة التوحيد. كلمة لا إله الا الله.
نعم ناضل علي (ع) المشركين ولم يتأخر عن غزوات
Shafi 11
النبي (ص) الا غزوة واحدة. وأبلى فيها البلاء الحسن وكان الفتح في الحروب والوقائع يكون على يده ، ناضل المشركين وجاهدهم وهو لم يبلغ العشرين من عمره.
ولقد وجده الرسول الأعظم . كفأ لسيدة النساء فاطمة فزوجه منها ، واختاره اخا له دون المسلمين عندما أمر (ص) بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، ونوه باسمه في حشد بعد حشد مناديا على رؤس الأشهاد من المهاجرين وأنصار ( على أقضاكم ) علي (ع) مني بمنزلة هرون من موسى إلى أنه لا نبي بعدي ، علي اخي ووزيري وقاضي ديني وخليفتي عليكم من بعدي.
ويحدثنا التاريخ ما صدر منه (ص) في حجة الوداع. عندما قفل راجعا الى المدينة. وانتهى به السير الى غدير خم فأمر الناس حينذاك بالكف عن السير. ونزل ونزل الناس مؤتمرين لأوامره على غير ماء وكلاء في بلقع من الأرض قاحلة ماحلة نبتها الصخور والحجر الصلد. غديرها لعاب الشمس ووهج الرمضاء.
نزل الناس هناك. وصاروا يستظلون عن أشعة الشمس برواحلهم وربما كان الرجل منهم يجمع ثيابه تحت قدميه يقي بها حر الصفا اللاذعة.
Shafi 12
لماذا أمر النبي بحط الرحال في ذلك المحل لأنه مفرق الطرق ولئلا يتفرق الحاج.
صعد (ص) على الصخور والأحجار والاحداج التي أمر بجمعها وقام خطيبا وأمر الناس ان يبلغ الشاهد منهم الغائب. والناس كلهم آذان صاغية حتى انتهى في خطبته الى قوله (ص) أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم فصاحوا اللهم نعم. قال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وانصر من نصره واخذل من خذله وادر الحق معه حيث ما دار إلى آخر خطبته.
نعم وعى المسلمون هذه الأحاديث من رسول الله (ص) وشهدوا مشاهده المعجبة ومواقفه الجليلة من تفانيه دون الدين وجهده العظيم ومنازلته الأقران من اليهود ومشركي قريش في عهد الرسالة ، وصبره وتسليمه بعد وفاة النبي (ص) لئلا ينكص الناس على الأعقاب وعقائد الجاهلية وعاداتها بعد راسخة في أذهانهم ، وهكذا شاهد المسلمون عليا (ع) ابن عم النبي (ص) حتى جاء اليوم الذي انثالوا عليه كعرف الضبع للبيعة ، وبايع المهاجرون والأنصار في ذلك اليوم بالمدينة عليا (ع) ولم يتخلف عن بيعته كما تخلف عن من قبله أحد.
Shafi 13
ظن المسلمون عندما بويع علي (ع) انهم تخلصوا من الفتن والأراجيف التي كانت من قبل ، ولكنهم ما كانوا يحلمون بأن طلحة والزبير ينكثا البيعة يوما ما ، لحطام الدنيا الدنية ، ويثيراها حربا دامية بالبصرة وكان النصر لعلي على اعدائه ، وهناك نعر معاوية بالشام معلنا حربه على خليفة المسلمين فكانت الواقعة بصفين اعظم منها بالبصرة ، وكاد معاوية أن يستسلم لعلي في صبيحة ليلة الهرير لولا مكيدة عمرو بن العاص ، وإشارته برفع المصاحف على الرماح ، ومن هناك بدأت الفتنة على ما ذكره المؤرخون فتنة الخوارج .
وقعت الفتنة في جيش أهل العراق ، وذلك لسماع الهتافات من جيش الشام لا حكم إلا لله كلمة حق أريد بها باطلا ، فانحازت وقتئذ طائفة من عسكر علي (ع) وهي تقول. جعلوا الكتاب حكما بيننا وبينهم. وارتفعت أصواتهم يا علي أجب القوم إلى كتاب الله وهذه الطائفة كانت تضمر غير ما تظهره من قل على علي (ع) فظهر منها في هذا الموقف ما ظهر من الحقد والمروق ، أمثال الأشعث بن قيس ، وحرقوص الخارجي ونظائرهما ممن اندس في جيش علي (ع) حتى اجبروا خليفتهم على المهادنة وإجابة القوم إلى حكم الكتاب فكأنهم لم يقرؤا
Shafi 14
قوله تعالى : ( اطيعوا الله والرسول وأولوا الأمر منكم ) فمن ذلك اليوم بدأت فتنة الخوارج كما ذكر المؤرخون.
ولكنا لو أمعنا النظر لرأينا فتنة الخوارج لم تكن وليدة صفين بل كانت نواة هذه الطائفة من عهد النبي الأعظم.
نعم البدزة كانت من عهد النبي ومن اليوم الذي عارض ذلك الرجل رسول الله (ص) بقوله ( اعدل يا رسول الله ) من هو ذلك الرجل يا ترى؟ هو حرقوص بن زهير التميمي ذو الخويصرة (1).
ذكر ارباب التاريخ أن النبي (ص) لما رجع من الجعرانة ، بعد أن فرغ من غزوة حنين. صار يقسم الغنائم. فآثر نفرا تألفا لقلوبهم في الإسلام. فصاح به الرجل اعدل يا رسول الله فقال (ص): ( ويحك ومن يعدل إذا لم اعدل ). ثم التفت النبي (ص) الى اصحابه وقال : ( انه يخرج من ضئضىء هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وآيتهم رجل احدى يديه كثدي المرأة ) فقام اليه عمر بن الخطاب (رض) وقال : يا رسول الله اقتله؟ فقال (ص) دعه فان له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع
Shafi 15
صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم. يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية انه سيقتلهم (1) قتل عادان أدركهم ) فكأن كلمة هذا الرجل صارت بذرة يسقيها النفاق وينميها الحقد والشغب على النبي وآله ، حتى كانت من جرائها واقعة النهروان. والحروب التي من بعدها والفتن والأراجيف بين عامة المسلمين.
Shafi 16
* (الخوارج وأسماؤهم)
« الخوراج » اسم يشمل جميع فرقهم. وانما سموا بالخوارج لأنهم خرجوا عن الدين. وعلى خليفتهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
« المحمة » عرفوا بالمحكمة. لأنهم نادوا يوم صفين لا حكم إلا لله ، وهي كلمة حق يراد بها باطل.
« الحرورية ». سموا بهذا الإسم لأنهم خرجوا الى حرورآء قرية من قرى الكوفة واجتمعوا فيها وأظهروا العداء لعلي بن ابي طالب (ع).
« المارقة سماهم بهذا الاسم رسول الله (ص) عندما قال (ص) لعمر بن الخطاب ( انهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ) وقوله ( ص) لعلي (ع) يا علي. ( انك ستقاتل الناكثين. والقاسطين. والمارقين ) وهم الخوارج .
Shafi 17
« أصحاب جباه السود ». سماهم بهذا الإسم مالك الأشتر النخعي (رض) وذلك لما رفع أهل الشام المصاحف ، وخالفوا أمر الإمام علي (ع) وأجبروه على وضع الحرب وكف القتال ، فرجع مالك من ساحة الوغى ورأى اجتماعهم على علي (ع) فخاطبهم آنذاك يا أهل جباه السود.
« المخدوعين » عرفوا بهذا الاسم لأنهم انخدعوا برفع المصاحف في صفين. صبيحة ليلة الهرير.
« النروانية ». سموا بالنهروانية. لأنهم خرجوا من الكوفة وقصدوا النهروان وحاربوا عليا (ع) هناك فنصره الله عليهم وما نجا منهم إلا تسعة أنفار وهلك الباقون فكانت مصارعهم على ذلك النهر. وهناك تجد اسماء لهم في كتابنا هذا غير ما ذكرناه. حدثت بتطورات حوادثهم ، وأهوائهم. حيث تشعبوا شعبا وتفرقوا فرقا وكل طائفة منهم كانت تنشق الى طائفتين أو أكثر فتكفر الثانية الأولى وتتسمى باسم رئيسها أو لقبه .
Shafi 18
* (الفتنة ورفع المصاحف)
ان اعظم ساعة مرت على معاوية بن ابي سفيان. هي الساعة التي ضاق به الخناق. وكادت روحه أن تفارق جسده. وذلك لإنكسار جيشه بصفين صبيحة ليلة الهرير ، وطلوع فجر النصر على جيش علي (ع) جيش العراق فالتفت عندئذ الى عمرو بن العاص قائلا له وهو في رعدة واضطراب أنفر أم نستأمن؟ فقال ابن العاص أؤمر برفع المصاحف ، فان قبلوا حكم القرآن أوقفنا الحرب. ورافعنا بهم الى أجل. وان أبى بعضهم إلا القتال الحرب. ورافعنا بهم الى أجل. وان أبى بعضهم إلا القتال فللنا شوكتهم ووقعت الفرقة بينهم. فصوب معاوية هذا الرأي وأمر برفع المصاحف فرفعت على أطراف الرماح.
ذكر نصر بن مزاحم عن جابر. قال سمعت تميم بن جذيم يقول : لما أصبحنا من ليلة الهرير. نظرنا فاذا أشباه الرايات أمام صف أهل الشام وسط الفيلق من حيال معاوية ، فلما أسفرنا فاذا هي المصاحف قد ربطت على أطراف
Shafi 19
الرماح ، وهي عظام مصاحف العسكر ، وقد شدوا ثلاثة أرماح جميعا. وقد رطوا عليها مصحف المسجد الأعظم يمسكه عشر رهط.
قال ابو جعفر وأبو الطفيل. استقبلوا عليا بمائة مصحف ، ووضعوا في كل مجنبة مأتي مصحف. وكان جميعها خمسمائة مصحف. قال : ابو جعفر. ثم قام الطفيل بن أدهم حيال على (ع) وقام أبو شريح الجذامي حيال الميمنة. وقام ورقاء بن معمر حيال الميسرة. ثم نادوا يامعشر العرب الله الله في نسائكم وبناتكم. فمن للروم والأتراك. وأهل فارس غدا إذا فنيتم. الله الله في دينكم. هذا كتاب الله بيننا وبينكم. فقال علي (ع): اللهم انك تعلم انهم ما لكتاب يريدون. فاحكم بيننا وبينهم انك انت الحكيم الحق المبين. قال فاختلف أصحاب علي في الرأي ، فطائفة قالت القتال وطائفة قالت المحاكمة الى الكتاب ، ولا يحل لنا الحرب وقد دعينا الى حكم الكتاب : فعند ذلك بطلت الحرب ووضعت اوزارها ، وذكر نصر انهم رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح وقلدوها الخيل. ورفع مصحف دمشق الأعظم تحمله عشرة رجال على رؤوس الرماح ، ونادوا : يا أهل العراق كتاب الله بيننا وبينكم.
وأقبل أبو الأعور السلمي على برذون له أبيض. وقد
Shafi 20
وضع المصحف على رأسه ينادي : يا أهل العراق كتاب الله بيننا وبينكم.
ومن ثم وقعت الفتنة بين أصحاب علي (ع): وشك فريق من أصحابه ولجؤا الى المسالمة. ودعوه اليها وهم أصحاب جباه السود فقال لهم علي (ع) ويلكم ان هذه خديعة. وما يريد القوم القرآن لأنهم ليسوا بأهل القرآن فاتقوا الله وامضوا على بصائركم في قتالهم. فان لم تفعلوا تفرقت بكم السبل وندمتم حيث لا تنفعكم الندامة.
قال : وحضر عند علي (ع) مسعر بن فدكي. وزيد بن حصين الطائي والأشعث بن قيس الكندي. فقالوا له أجب القوم إلى كتاب الله فقال أمير المؤمنين (ع) ويحكم والله انهم ما رفعوا المصاحف الا خديعة ومكيدة حين علوتموهم. فأجابه خالد بن معمر السدوسي قائلا : يا أمير المؤمنين احب الأمور الينا ما كفينا مؤنته. وابتدر رفاعة بن شداد البجلي قائلا :
وان حكموا بالعدل كانت سلامة
والا اثرناها بيوم قماطر
واجتمع حول علي (ع) عشرون ألف رجل. ينادون يا علي. اجب الى كتاب الله اذا دعيت وإلا دفعناك برمتك الى القوم ، أو نفعل بك ما فعلنا بعثمان ، فقال (ع)
Shafi 21
فاحفظوا عني مقالتي فاني آمركم بالقتال. فان تعصوني فافعلوا ما بدأ لكم ، قالو فابعث إلى الأشتر ليأتيك ، فبعث يزيد بن هاني السبعي يدعوه. فقال الأشتر قد رجوت أن يفتح الله لا تعجلني. وشدد مالك في القتال فقالوا حرضه في الحرب ، فابعث اليه بعزيمتك ليأتيك والا والله اعتزلناك ، قال يا يزيد عد إليه. وقل له اقبل الينا ، فان الفتنة قد وقعت. فاقبل الأشتر عليهم يقول. لأهل العراق يا أهل الذل والوهن : أحين علوتم القوم. وعلموا انكم قاهرون رفعوا لكم المصاحف خديعة ومكرا. فقالوا قاتلناهم في الله. فقال : امهلوني ساعة احسست بالفتح وايقنت بالظفر. قالوا لا. قال : امهلوني عدوة فرسي. قالوا : انا لسنا نطيعك ولا لصاحبك. ونحن نرى المصاحف على رؤوس الرماح تدعي اليها. فقال خدعتم والله فانخدعتم. ودعيتم الى وضع الحرب فأجبتم ، فقال جماعة من بكر بن وائل. فقالوا يا أمير المؤمنين (ع) ان أجبت القوم أجبنا وان أبيت أبينا فقال : نحن احق من أجاب الى كتاب الله. وان معاوية وعمرو بن العاص. وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة. وابن أبي سرح. والضحاك بن قيس ليسوا بأصحاب دين وقرآن. أنا أعرف بهم منكم قد صحبتهم أطفالا ورجالا فهم شر أطفال ورجال (1).
Shafi 22
قال نصر. وأقبل عدي بن حاتم. فقال يا أمير المؤمنين (ع) ان كان أهل الباطل لا يقومون بأهل الحق فانه لم يصب عصبة منا الا وقد أصيب مثلها منهم ، وكل مقروح. ولكنا أمثل بقية منهم. وقد جزع القوم وليس بعد الجزع إلا ما تحب فناجز القوم : وقام مالك الأشتر النخعي (رض) فقال يا أمير المؤمنين (ع) إن معاوية لأخلف له من رجاله. ولك بحمد الله الخلف. ولو كان مثل رجالك لم يكن مثل صبرك ولا بصرك فأقرع الحديد بالحديد واستعن بالله الحميد.
وقام عمرو بن الحمق الخزاعي. فقال يا أمير المؤمنين (ع) انا والله ما أجبناك. ولا نصرناك عصبية على الباطن. ولا أجبنا إلا الله عز وجل ، ولا طلبنا إلا الحق : ولا دعانا غيرك إلى ما دعوت إليه لاستشرى (1) فيه اللجاج. وطالت فيه النجوى. وقد بلغ الحق مقطعه. وليس لنا معك رأى.
قال : فقال الأشعث بن قيس مغضبا. فقال يا أمير المؤمينين (ع) أنالك اليوم على ما كنا عليه بالأمس. وليس آخر أمرنا كأوله ، وما من القوم أحد احنى على أهل
Shafi 23
العراق ولا اوتر لأهل الشام مني. فأجب القوم إلى كتاب الله. فانك أحق به منهم ، وقد أحب الناس البقاء وكرهوا القتال. فقال علي (ع) ان هذا أمر ينظر فيه ، وسمع من أهل الشام صائح يصيح :
رؤوس العراق اجيبوا الدعاء
فقد بلغت غاية الشدة
قال : وتداعى الناس على علي (ص) وكثر الصياح ، فلا نسمع إلا النداء من أصحابه أكلتنا الحرب وقتلت
Shafi 24
الرجال (1): الا نفر يسير ينادون نقاتل القوم على ما قاتلناهم عليه بالأمس. ثم رجعوا عن قولهم مع الجماعة (2) وثارت الجماعة بالموادعة ، قال فقام علي (ع) وقال : أنه لم يزل امري معكم على ما أحب الي ان أخذت منكم الحرب وقد والله أخذت منكم وتركت ، وأخذت من عدوكم فلم تترك. وانهافيهم أنكى وانهك. الا اني كنت أمس أمير المؤمنين فأصبحت اليوم مأمورا. وكنت ناهيا فأصبحت منهيا. وقد احببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون » ثم جلس (ع) وكثر اللغط بين أصحابه ، تهددوه ان يصنع به ما صنع بعثمان (ع) وكثر الهرج والمرج حتى أسفر هذا كله عن الرضا والتحاكم الى كتاب الله من العسكرين.
قال وسأل مصعب ابن الزبير ابراهيم بن الأشتر. حين دخل عليه عن الحال فقال كنت عند علي حين بعث الى الأشترياتية. وقد كان أشرف على معسكر معوية ليدخله. فأرسل اليه يزيد بن هاني أن أئتني. فأتاه وبلغه. فقال الأشتر. ائته فقل له ليس هذه بالساعة التي ينبغي لك أن
Shafi 25