Marubutan Larabawa A Jahiliyya Da Farkon Musulunci
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Nau'ikan
وهذا ما يسميه علماء البيان توكيد الذم بما يشبه المدح. فإنه بعد أن نفى الخير عنه جاء بالاستثناء كمن يريد أن يذكر له حسنة يمدحه بها، فإذا به لا يرى فيه من الحسن غير كثرة المال ولطف الخصر، ومن الهجاء المر أن تصف رجلا بما توصف به النساء.
واتفق أن عمرو بن هند خرج للصيد ذات يوم، فانقطع في نفر من أصحابه وفيهم عبد عمرو، حتى أصاب حمارا فعقره، فقال لعبد عمرو: انزل واذبحه. فعالجه فأعياه، فضحك الملك وقال: لقد أبصرك طرفة حيث يقول، وأنشد: «ولا خير فيه.» فغضب عبد عمرو وقال: لقد قال في الملك أقبح من هذا، وأنشده: «فليت لنا مكان الملك عمرو ...» فحقد عمرو بن هند على طرفة، ولكنه كره أن يعجل عليه إشفاقا من هجاء المتلمس، فلبث يتحين الفرص ليتخلص من الاثنين معا، وهو يؤانسهما حتى اطمأنا إليه، فكتب إلى عامله في البحرين، وقال لهما: انطلقا إليه وخذا جوائزكما.
فحملا الكتابين وسارا حتى بلغا النجف، فقال المتلمس لطرفة: تعلمن والله أن ارتياح عمرو لي ولك لأمر عندي مريب. وإني لا أنطلق بصحيفة لا أدري ما فيها. فقال طرفه: «إنك لتسيء الظن، وما تخاف من صحيفة؟ إن كان فيها الذي وعدنا وإلا رجعنا فلم نترك منه شيئا.» فأبى المتلمس أن يجيبه وعدل إلى حيث رأى غلاما من الحيرة فدفع إليه الصحيفة ليقرأها له، فلما نظر الغلام فيها قال: «ثكلت المتلمس أمه!» فأخذ المتلمس الصحيفة وقذفها في البحيرة فضرب المثل بصحيفته. ثم قال لطرفة: «تعلمن والله أن الذي في كتابك مثل الذي في كتابي.» فقال طرفة: «لئن كان اجترأ عليك ما كان بالذي يجترئ علي.» وأبى أن يطيعه، فتركه المتلمس وهرب إلى الشام.
وسار طرفة حتى أتى البحرين وكان صاحبها أبو كرب ربيعة بن الحارث، وهو من أقرباء طرفة، فلما قرأ الكتاب قال: «أتعلم ما أمرت به فيك؟» قال طرفة: «نعم، أمرت أن تجيزني وتحسن إلي.» فقال: «إن بيني وبينك لخئولة أنا لها راع، فاهرب من ليلتك هذه، فإني قد أمرت بقتلك. فاخرج فبل أن تصبح ويعلم بك الناس.» فأبى طرفة وقال: «اشتدت عليك جائزتي، وأحببت أن أهرب وأجعل لعمرو بن هند علي سبيلا، كأنني أذنبت ذنبا. والله لا أفعل ذلك أبدا.» فأمر بحبسه. ثم كتب إلى عمرو بن هند يقول: «ابعث إلى عملك من تريد فإني غير قاتل الرجل.» فأرسل عمرو بن هند رجلا من بني تغلب يقال له عبد هند واستعمله على البحرين، وكان رجلا شجاعا، وأمره بقتل طرفة وقتل ربيعة بن الحارث. فقدمها عبد هند ولبث أياما فاجتمعت بكر بن وائل فهمت به، وكان طرفة يحضهم. فانتدب له رجلا من الحواثر يقال له أبو ريشة فقتله وقتل معه العامل السابق. وكان قبره معروفا بهجر في أرض بني قيس بن ثعلبة. (2-2) درس تاريخي
هذه هي الرواية المشهورة عن مقتل طرفة، وقد تناقلتها كتب الأدب في شيء من الاختلاف. أما نحن فلا يسعنا إلا أن ننظر إليها بشك واحتياط لظهور الاصطناع عليها. فإن سير حوادثها بين التكلف، من هجاء طرفة لعمرو بن هند، إلى هجائه عبد عمرو، إلى إشفاق ملك العراق من قتله في قاعدة ملكه خوفا من المتلمس، إلى إرساله ليقتل في البحرين وهي مسقط رأس الشاعر وبلاد قومه، إلى صحيفة المتلمس ورفض طرفة أن يفض صحيفته، إلى امتناع صاحب البحرين عن قتل الشاعر لأنه من أقربائه، وحبسه اياه، ثم انتظاره أن يرسل عمرو بن هند عاملا جديدا ليقتله ويقتل طرفة معه، إلى مجيء العامل وهو من بني تغلب أعداء البكريين، إلى قعود بني بكر عن إنقاذ شاعرهم في عقر دارهم ... إلى غير ذلك مما يصعب الاطمئنان إليه.
فلقد كان بوسع عمرو بن هند أن يفتك بالشاعرين معا في العراق، بدلا من أن يرسلهما إلى البحرين، ولقد كان ينبغي له أن يخشى هجاء المتلمس أخيرا كما خشيه أولا بعد أن نجا هذا من الشرك الذي نصب له، ولقد كان بوسع صاحب البحرين أن ينجو وطرفة دون أن ينتظر قدوم العامل الجديد ليقتلهما معا.
وزعم الرواة أن نسيبه صاحب البحرين بعث إليه في سجنه جارية اسمها خولة فردها، وقال في ذلك أبياتا مطلعها:
ألا اعتزليني اليوم يا خول أو غضي
فقد نزلت حدباء محكمة العض
34
Shafi da ba'a sani ba