فاعتزل بهم إلى الجبل الأخضر؛ وهو جبل بني ريام , ويقال له رضوا؛ بضم الراء. قيل سمي بذلك باسم نبي دفن فيه ولحقه القوم؛ فلم يزالوا محصورين حتى وافا سليمان؛ وكان مجاعة أرسى سفنه في البحر في بندر مسقط وكانت ثلاثمائة سفينة , فمضى إليها سليمان فأخرق منها نيفا وخمسين سفينة وانفلت الباقون في لجج البحر ثم مضى يريد عسكر مجاعة فتصور لمجاعة أنه لا طاقة له بسلمان فخرج يريد البحر فالتقى هو وسليمان بقرية سمائل ووقعت بينهم صكة عظيمة فانهزم مجاعة ولحق بسفنه فركبها ومضى إلى جلفار , وكاتب الحجاج فأخرج له في طريق البر عبدالرحمن بن سليمان في خمسة آلاف عنان من بادية الشام , وكان فيهم رجل من الأزد ولا يعلمون به أنه من الأزد , فهرب في الليل حتى نزل على سليمان وسعيد فأعلمهم بذلك فاستشعر العجز , فحمل ذراريهما وسوادهما ومن خرج معهما من قومهما ولحقا ببلد من بلدان الزنج حتى ماتا هناك , ودخل مجاعة وعبدالرحمن بالعسكر إلى عمان ففعل فيها غير الجميل ونهباها نعوذ بالله من ذلك.
باب في عمال الحجاج ومن بعده على عمان
بعد أن ظهروا على أهلها وخرج منها سليمان وسعيد إلى أرض الزنج استعمل الحجاج عليها الخيار بن سبرة المجاشعي , فلما مات عبدالملك وملك بعده ابنه الوليد ومات الحجاج استعمل الوليد على العراق يزيد ابن أبي مسلم , فبعث يزيد سيف بن الهاني الهمداني عاملا على عمان , فلما مات الوليد بن عبدالملك وولى أخوه سليمان بن عبدالملك عزل العمال الذين كانوا على عمان؛ فاستعمل عليها صالح ابن عبدالرحمن بن قيس الليثي؛ ثم أنه رأى أن يكون عمال عمان ما كانوا عليه فردوهم؛ وجعل صالح بن عبدالرحمن مشرفا عليهم , ثم ولى يزيد بن المهلب العراق وخراسان فاستعمل يزيد أخاه زياد على عمان , فلم يزل عاملا عليها محسنا إلى أهلها حتى مات سليمان بن عبدالملك.
Shafi 63