ثم استدعى بجماعة بن شعوه أخى القاسم وأمره أن يندب الناس ويستصرخهم وينادى في قبائل نزار حيث كانوا ويستعينهم ويستنجدهم , وأظهر الحجاج من نفسه غضبا وحمية وأنفة , وكتب بذلك إلى عبدالملك بن مروان وأقعد وجوه الأزد الذين كانوا بالبصرة عن النصرة لسليمان بن عباد , فقيل إن العساكر التي جمعها الحجاج وأخرجها إلى عمان كانت أربعين ألفا, فأخرج من جانب البحر عشرين ألفا ومن جانب البر عشرين ألفا؛ فانتهى القوم الذين خرجوا من البر , فسار سليمان بسائر فرسان الأزد , وكانوا ثلاثة آلاف فارس وأصحاب النجائب ثلاثة آلاف وخمسمائة , فالتقى بهم عند الماء الذي دون البلقعة بخمس مراحل؛ وقيل بثلاث مراحل , وهو الماء الذي بقرب قرية بوشر؛ يقال له اليوم البلقعين فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم أصحاب الحجاج , فأمعن سليمان في طلبهم وهو لا يعلم بشيء من عسكر البحر حتى انتهى عسكر البحر باليوتانة من جلفار , فلقيهم رجل فأعلمهم بخروج سليمان بسائر العسكر للقاء القوم الذين اقتتلوا من جانب البر , وإن الباقين مع أخيه شرذمة قليلة , فواصل مجاعة سير الليل بالنهار حتى وصل بركا فنزل إليهم سعيد وقاتلهم قتالا شديدا حتى حجز بينهم الليل؛ وتأمل سعيد عسكره فإذا هم في عسكر مجاعة كالشعرة البيضاء في الثوب الأسود قد قتل منهم من قتل؛ فاعتزل من ليلته وعمد إلى ذراري أخيه وذراريه.
Shafi 62