وَهُوَ الإلهية والرحمانية وَمَا هُوَ وصف للْإنْسَان وواجب لَهُ وَهُوَ الْعُبُودِيَّة والافتقار ثمَّ قد أضيف العَبْد الْفَقِير للإله الغنيّ إِضَافَة حَقِيقِيَّة فصدقت أَفْرَاد هَذِه الْأَسْمَاء الْأَصْلِيَّة وشرفت بِهَذِهِ الْإِضَافَة التركيبية فحصلت لَهما هَذِه الْأَفْضَلِيَّة الأحبية قَالَ الْقُرْطُبِيّ فَيلْحق بهما مَا هُوَ مثلهمَا كَعبد الْملك وَعبد الْغَنِيّ (م د ت هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(أحب الْأَسْمَاء) الَّتِي يُسمى بهَا الْإِنْسَان (إِلَى الله مَا تعبد لَهُ) بِضَمَّتَيْنِ فتشديد لِأَنَّهُ لَيْسَ بَين العَبْد وربه نِسْبَة إِلَّا الْعُبُودِيَّة فَمن تسمى بهَا فقد عرف قدره وَلم يَتَعَدَّ طوره (وأصدق الْأَسْمَاء همام) كشدّاد من همّ عزم (وحارث) كصاحب من الْحَرْث وَهُوَ الْكسْب وَذَلِكَ لمطابقة الِاسْم لمعناه إِذْ كل عبد متحرّك بالإرادة والهمّ مبدأ الْإِرَادَة وَيَتَرَتَّب على إِرَادَته كَسبه وحرثه (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى (طب) كِلَاهُمَا (عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله وَفِيه ضعف
(أحب الْأَدْيَان) جمع دين وَقد مرّ تَعْرِيفه وَالْمرَاد هُنَا مَال الْأَنْبِيَاء (إِلَى الله) دين (الحنيفية) المائلة عَن الْبَاطِل إِلَى الْحق أَو المائلة عَن دين الْيَهُود وَالنَّصَارَى (السمحة) السهلة الْقَابِلَة للاستقامة المنقادة إِلَى الله الْمسلمَة أمرهَا إِلَيْهِ وَفِيه أنّ الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير وَهِي إِحْدَى الْقَوَاعِد الْأَرْبَع الَّتِي ردّ القَاضِي حُسَيْن جَمِيع مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَيْهَا (حم خد طب عَن ابْن عَبَّاس) وَإِسْنَاده حسن
(أحب الْبِلَاد) أَي أحب أَمَاكِن الْبِلَاد وَيُمكن أَن يُرَاد بِالْبَلَدِ المأوى فَلَا تَقْدِير (إِلَى الله مساجدها) لِأَنَّهَا بيُوت الطَّاعَة وأساس التَّقْوَى وَمحل تنزلات الرَّحْمَة (وَأبْغض الْبِلَاد إِلَى الله أسواقها) لِأَنَّهَا مَوَاطِن الْغَفْلَة والحرص والغش والفتن والطمع والخيانة والأيمان الكاذبة والأعراض الفانية فَالْمُرَاد محبَّة وبغض مَا يَقع فيهمَا (م) فِي الصَّلَاة (عَن أبي هُرَيْرَة حم ك عَن جُبَير) بِالتَّصْغِيرِ (ابْن مطعم) بِضَم أوّله وَكسر ثالثه وَلم يخرّجه البُخَارِيّ
(أحبّ الْجِهَاد) (إِلَى الله كلمة حق) أَي مُوَافق للْوَاقِع بِحَسب مَا يجب وعَلى قدر مَا يجب فِي الْوَقْت الَّذِي يجب (تقال لإِمَام) أَي سُلْطَان (جَائِر) أَي ظَالِم لأنّ من جَاهد العدوّ فقد تردّد بَين رَجَاء وَخَوف وَصَاحب السُّلْطَان إِذا قَالَ الْحق وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهى عَن الْمُنكر تعرّض للهلاك قطعا فَهُوَ أفضل (حم طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ رمز الْمُؤلف لحسنه
(أحب الحَدِيث إليّ) بتَشْديد الْيَاء (أصدقه) أفعل تَفْضِيل بِتَقْدِير من أَو بِمَعْنى فَاعل والصدق مُطَابقَة الْخَبَر للْوَاقِع وَالْكذب عدمهَا (حم خَ عَن الْمسور بن مخرمَة) بن نَوْفَل فَقِيه عَالم متدين (ومروان مَعًا) ابْن الحكم الْأمَوِي
(أحب الصّيام إِلَى الله) أَي أَكثر مَا يكون محبوبا إِلَيْهِ وَالْمرَاد إِرَادَة الْخَيْر لفَاعِله وَكَذَا يُقَال فِيمَا مرّ (صِيَام دَاوُد) النبيّ ﵇ (كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا) فَهُوَ أفضل من صَوْم الدَّهْر لِأَنَّهُ أشق على النَّفس بمصادفة مألوفها يَوْمًا ومفارقته يَوْمًا (وأحبّ الصَّلَاة إِلَى الله تَعَالَى صَلَاة دَاوُد كَانَ ينَام نصف اللَّيْل) أَعَانَهُ على قيام البنية الْمشَار إِلَيْهِ بِآيَة جعل لكم اللَّيْل لتسكنوا فِيهِ (وَيقوم ثلثه) من أوّل النّصْف الثَّانِي لكَونه وَقت التجلي وَهُوَ أعظم أَوْقَات الْعِبَادَة (وينام سدسه) الْأَخير ليريح نَفسه وَيسْتَقْبل الصُّبْح إذكار النَّهَار بنشاط وانبساط وَيكرهُ قيام كل اللَّيْل (حم ق د ن هـ عَن) عبد الله (بن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(أحب الطَّعَام) عامّ فِي كل مَا يقتات من بر وَغَيره (إِلَى الله) بِالْمَعْنَى المارّ (مَا كثرت عَلَيْهِ الْأَيْدِي) أَي أَيدي الآكلين لأنّ اجْتِمَاع الأنفاس وَعظم الْجمع أَسبَاب نصبها الْبَارِي مقتضية لفيوض الرَّحْمَة
1 / 39